ثمّ تلا : (فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ). (١)
٣ ـ التّفسير الثّالث هو أن المقصود من السيئات ليس نفس الأعمال التي يقوم بها الإنسان ، بل آثارها السيئة التي تنطبع بها روح ونفس الإنسان ، فحينما يتوب ويؤمن تجتث تلك الآثار السيئة من روحه ونفسه ، وتبدل بآثار الخير ، وهذا هو معنى تبديل السيئات حسنات.
ولا منافاة بين هذه التفاسير الثلاثة قطعا ، ومن الممكن أن تجتمع كل هذه التفاسير الثلاثة في مفهوم الآية.
الآية التالية تشرح كيفية التوبة الصحيحة ، فيقول تعالى : (وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللهِ مَتاباً). (٢)
يعني أن التوبة وترك الذنب ينبغي ألا تكون بسبب قبح الذنب ، بل ينبغي ـ إضافة إلى ذلك ـ أن يكون الدافع إليها خلوص النية ، والعودة إلى الله تبارك وتعالى.
لهذا فإنّ ترك شرب الخمر أو الكذب بسبب إضرارهما مثلا ، وإن كان حسنا ، لكنّ القيمة الأسس لهذا الفعل لا تتحقق إلّا إذا استمدّ من الدافع الربّاني.
بعض المفسّرين ذكروا تفسيرا آخر لهذه الآية ، وهو أن هذه الجملة جواب على التعجب الذي قد تسببه الآية السابقة أحيانا في بعض الأذهان ، وهو : كيف يمكن أن يبدل الله السيئات حسنات؟! ، فتجيب هذه الآية : حينما يؤوب الإنسان إلى ربه العظيم ، فلا عجب في هذا الأمر.
تفسير ثالث ذكر لهذه الآية ، وهو أن كلّ من تاب من ذنبه فإنّه يعود إلى الله ، ومثوبته بلا حساب.
__________________
(١) عوالي اللئالي ، طبقا لنقل نور الثقلين ، ج ٤ ، ص ٣٣.
(٢) «متاب» مصدر ميمي بمعنى التوبة ، ولأنّه مفعول مطلق هنا ، فهو للتوكيد.