نقرأ في روايات متعددة أنّ هذه الآية نزلت في علي عليهالسلام وائمّة أهل البيت عليهمالسلام. ونقرأ في رواية أخرى عن الإمام الصادق عليهالسلام : «إيانا عنى». (١)
ولا شك أن أئمة أهل البيت عليهمالسلام من أوضح مصاديق هذه الآية ، لكن هذا لا يمنع من اتساع مفهوم الآية ، فالمؤمنون الآخرون أيضا يكون كل منهم إماما وقدوة للآخرين بمستويات متفاوتة.
واستنتج بعض المفسّرين من هذه الآية أن طلب الرئاسة المعنوية والروحانية ليس غير مذموم فقط ، بل إنه مطلوب ومرغوب فيه أيضا. (٢)
وينبغي الالتفات ضمنا إلى أن كلمة «إمام» وإن كانت للمفرد ، إلّا أنّها تأتي بمعنى الجمع ، وهكذا هي في الآية.
بعد إكمال هذه الصفات الثلاثة عشرة ، يشير تعالى إلى عباد الرحمن هؤلاء مع جميع هذه الخصائص ، وفي صورة الكوكبة الصغيرة ، فيبيّن جزاءهم الإلهي (أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا).
«غرفة» من مادة «غرف» (على وزن حرف) : بمعنى رفع الشيء وتناوله ، ويقال لما يغترف ويتناول «غرفة» (كاغتراف الإنسان الماء من العين بيده للشرب) ثمّ أطلقت على الأقسام العليا من البناء ، ومنازل الطبقات العليا ، وهي هنا كناية عن أعلى منازل الجنّة.
لذلك فإنّ «عباد الرحمن» بامتلاكهم هذه الصفات ، يكونون في الصف الأوّل من المؤمنين ، وينبغي أن تكون درجتهم في الجنّة أعلى درجة أيضا.
المهم أنّه يقول : إن هذا المقام العالي قد أعطي لهم بسبب ما قدموا من ضريبة الصبر والاستقامة في طريق الله ، ومن الممكن أن يتصور أن هذا وصف آخر من
__________________
(١) أورد هذه الروايات في تفسير آخر هذه الآية «علي بن إبراهيم» ، ومؤلف كتاب نور الثقلين في تفسيريهما.
(٢) يراجع تفسير «القرطبي» وتفسير «الفخر الرازي».