مسألة تربية الأبناء وإرشاد الزوجات ، ومسئولية الآباء والأمهات إزاء أطفالهم من أهم المسائل التي أكد عليها القرآن ، وسنفصل القول فيها إن شاء الله في ذيل الآية (٦) من سورة التحريم.
وأخيرا فالصفة الرفيعة الثّالثة عشر لعباد الرحمن التي هي أهم هذه الصفات من وجهة نظر معينة : هي أنّهم لا يقنعون أبدا أنّهم على طريق الحق ، بل أن همتهم عالية بحيث يريدون أن يكونوا أئمة وقدوات للمؤمنين ، ليدعوا الناس إلى هذا الطريق أيضا.
إنّهم ليسوا كالزهاد المنزوين في الزوايا ، وليس همّهم انقاذ أنفسهم من الغرق ، بل إن سعيهم هو أن ينقذوا الغرقى.
لذا يقول في آخر الآية ، إنّهم الذين يقولون : (وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً).
ينبغي الالتفات إلى هذه النكتة أيضا ، إنّهم لا يدعون ليكونوا في موقع العظماء جزافا ، بل إنّهم يهيئون أسباب العظمة والإمامة بحيث تجتمع فيهم الصفات اللائقة بالقدوة الحقيقية ، وهذا عمل عسير جدا ، وله شرائط صعبة وثقيلة.
ولا ننس أنّ القرآن لا يذكر في هذه الآيات صفات جميع المؤمنين ، بل أوصاف نخبة ممتازة من المؤمنين في الصف المتقدم بعنوان «عباد الرحمن». نعم ، إنّهم عباد الرحمن ، وكما أن رحمة الله العامّة تشمل الجميع فإنّ رحمة الله بهؤلاء العباد عامّة أيضا من أكثر من جهة ، فعلمهم وفكرهم وبيانهم وقلمهم ومالهم وقدرتهم تخدم بلا انقطاع في طريق هداية خلق الله.
أولئك نماذج وأسوات المجتمع الإنساني.
أولئك قدوات المتقين.
إنّهم أنوار الهداية في البحار والصحاري. ينادون التائهين إليهم لينقذوهم من الغرق في الدوامة ، ومن السقوط في المزالق.