هذا النوع من الأفراد أداة بيد الأعداء ، ولقمة سائغة للشياطين ، المؤمنون وحدهم هم المتدبرون المبصرون السامعون كمثل الجبل الراسخ ، فلا يكونون لعبة بيد هذا أو ذاك.
نقرأ في حديث عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قول الله عزوجل:(وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً) ، قال : «مستبصرين ليسوا بشكاك». (١)
الصفة الثّانية عشر الخاصّة لهؤلاء المؤمنين الحقيقيين ، هي التوجه الخاص إلى تربية أبنائهم وعوائلهم ، وإيمانهم بمسؤوليتهم العظيمة إزاء هؤلاء (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ).
بديهي أن معنى هذا ليس أن يقبعوا في زاوية ويتضرعوا بالدعاء ، بل إن الدعاء دليل شوقهم وعشقهم الداخلي لهذا الأمر ، ورمز جدهم واجتهادهم.
من المسلّم أنّ أفرادا كهؤلاء لا يقصرون في بذل ما لديهم من طاقة وقدرة في تربية أبنائهم وأزواجهم ، وتعريفهم بأصول وفروع الإسلام ، وسبل الحق والعدالة وفي ما لا تصل إليه قدرتهم وطاقتهم ، فإنّهم يدعون الله ، يسألونه التوفيق بلطفه.
فالدعاء الصحيح من حيث الأصل ، ينبغي أن يكون هكذا : السعي بمقدار الاستطاعة ، والدعاء خارج حدّ الاستطاعة.
«قرّة العين» كناية عمّن يسرّ به ، هذا التعبير أخذ في الأصل من كلمة «قر» التي بمعنى البرد ، وكما هو معروف (وقد صرح به كثير من المفسّرين) أن دمعة الشوق والسرور باردة ، ودموع الحزن والغم حارة حارقة ، لذا فـ «قرّة عين» بمعنى الشيء الذي يسبب برودة عين الإنسان ، يعني أن دمعة الشوق تنسكب من عينيه ، وهذه كناية جميلة عن السرور والفرح. (٢)
__________________
(١) نور الثقلين ، ج ٤ ، ص ٤٣.
(٢) الشاهد على هذا القول ، الشعر الذي نقله القرطبي في تفسيره عن أحد الشعراء العرب.
فكم سخنت بالأمس عين قريرة |
|
وقرت عيون دمعها اليوم ساكب |