اللاهدفية والأعمال الباطلة ، فإذا اعترضهم هذا النوع من الأعمال في مسير حياتهم ، مروا بمحاذاتها مرور اللامبالي ، ولا مبالاتهم نفسها دليل على عدم رضاهم الداخلي عن هذه الأعمال ، فهم عظماء بحيث لا تؤثر عليهم الأجواء الفاسدة ولا تغيرهم.
ولا شك أنّ عدم اعتنائهم بهذه الأمور من جهة أنّهم لا طريق لهم إلى مواجهة الفساد والنهي عن المنكر ، وإلّا فلا شكّ أنّهم سوف يقفون ويؤدون تكاليفهم حتى المرحلة الأخيرة.
الصفة الحادية عشر لهذه النخبة امتلاك العين الباصرة والأذن السامعة حين مواجهتهم لآيات الخالق ، فيقول تعالى : (وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً).
من المسلّم أنّ المقصود ليس الإشارة إلى عمل الكفار ، ذلك لأنّهم لا اعتناء لهم بآيات الله أصلا ، بل إن المقصود : فئة المنافقين أو مسلمو الظاهر ، الذين يقعون على آيات الله بأعين وآذان موصدة ، دون أن يتدبروا حقائقها ويسبروا غورها ، فيعرفوا ما يريده الله ويتفكروا فيه ، ويستهدوه في أعمالهم.
ولا يمكن طي طريق الله بعين وأذن موصدتين ، فالأذن السامعة والعين الباصرة لازمتان لطي هذا الطريق ، العين الناظرة في الباطن ، المتعمقة في الأشياء ، والأذن المرهفة العارفة بلطائف الحكمة.
ولو تأملنا جيدا لأدركنا أن ضرر هذه الفئة ذات الأعين والآذان الموصدة وفي ظنها أنّها تتبع الآيات الإلهية ، ليس أقلّ من ضرر الأعداء الذين يطعنون بأصل شريعة الحق عن وعي وسبق إصرار ، بل أن ضررهم أكثر بمراتب أحيانا.
التلقي الواعي عن الدين هو المعين الأساس للمقاومة والثبات والصمود ، لأن من اليسير خداع من يقتصر على ظواهر الدين ، وبتحريفه يتم الانحراف عن الخط الأصيل ، فيهوي بهم ذلك إلى وادي الكفر والضلالة وعدم الإيمان.