مشكلة عدم الفصاحة الكافية.
ومشكلة القصاص!
ويتّضح ضمنا أنّ موسى لم يكن خائفا على نفسه ، بل كان خوفه أن لا يصل إلى الهدف والمقصد للأسباب آنفة الذكر ، لذلك فقد كان يطلب من الله سبحانه مزيد القوّة لهذه المواجهة! ...
طلبات موسى عليهالسلام من الله في هذا الصدد خير شاهد على هذه الحقيقة ، إذ طلب أن يشرح صدره وحلّ عقدة لسانه وأن يرسل إلى هارون للمعاضدة في التبليغ كما جاء ذلك في سورة طه بصورة أكثر تفصيلا إذ قال : (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً).
فاستجاب الله طلب موسى ودعوة الصادقة و (قالَ كَلَّا) فلن يستطيعوا قتلك ، أو كلّا لن يضيق صدرك وينعقد لسانك ، وقد أجبنا دعوتك أيضا في شأن أخيك ، فهو مأمور معك في هذه المهمّة : (فَاذْهَبا بِآياتِنا) لتدعوا فرعون وقومه إلى توحيد الله.
ولا تظنّا بأنّ الله بعيد عنكم أو لا يسمع ما تقولان (إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ ...)
فأنا معكما ولن أترككما أبدا ، وسأنصركما في الحوادث الصعبة ، فاذهبا مطمئني الخاطر ، وامضيا في هذا السبيل بأقدام ثابتة وعزيمة راسخة! ...
وهكذا فإنّ الله سبحانه أعطى لموسى الاطمئنان الكافي في جمل ثلاث وحقّق له طلبه ... إذ طمأنه بقوله : (كَلَّا) على أنّ قوم فرعون لن يقتلوه ولن يستطيعوا ذلك ... ولن تحدث له مشكلة بسبب ضيق صدره أو التلكؤ في لسانه وبقوله : (فَاذْهَبا بِآياتِنا) أرسل أخاه ليعينه على أمره. وبقوله : (إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ) وعدهما أنّهما سيكونان أبدا تحت ظل خيمته وحمايته! ...