اللحظة ـ قد غمر قلوبهم الإيمان ، وأضرمهم عشق الله ، بحيث لم يهزّهم تهديد فرعون ، فأجابوه بضرس قاطع واحبطوا خطته و (قالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ).
فأنت بهذا العمل لا تنقص منّا شيئا ، بل توصلنا إلى معشوقنا الحقيقي والمعبود الواقعي ، فيوم كانت هذا التهديدات تؤثر فينا لم نعرف أنفسنا ولم نعرف ربّنا ، وكنّا ، ضالين مضلين ، إلّا أنّنا عثرنا اليوم على ضالتنا (فاقض ما أنت قاض)!
ثمّ أضافوا بأنّهم واجهوا النّبي موسى عليهالسلام من قبل بالتكذيب وأذنبوا كثيرا ، ولكن مع ذلك فـ (إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِين ...)
إنّنا لا نستوحش اليوم من أي شيء ، لا من تهديداتك ، ولا من تقطيع الأيدي والأرجل من خلاف ولا من الصلب على جذوع النخل.
وإذا كنّا نخاف من شيء ، فإنّما نخاف من ذنوبنا الماضية ، ونرجو أن تمحى في ظل الإيمان وبفضل الله ولطفه!
أية طاقة وقوّة هذه التي إن وجدت في الإنسان صغرت عندها أعظم القوى ، وهانت عنده أشد الأمور ، وكرمت نفسه بسخاء في موقف التضحية والإيثار؟! إنّها قوّة الإيمان.
إنّها شعلة العشق النيرة ، التي تجعل الشهادة في سبيل الله أحلى من الشهد والعسل ، وتصيّر الوصال إلى المحبوب أسمى الأهداف!
هذه هي القوّة التي استعان بها النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وربّى المسلمين الأوائل عليها ، وأوصل أمة جهلاء متأخرة إلى أوج الفخر بسرعة مذهلة ، فكانت الأمة المسلمة التي أذهلت الدنيا!
إلّا أن هذا المشهد ـ على كل حال ـ كان غاليا وصعبا على فرعون وقومه ، بالرغم من أنّه طبّق تهديداته ـ طبقا لبعض الروايات ـ فاستشهد على يديه السحرة المؤمنون ـ إلّا أن ذلك لم يطفئ عواطف الناس تجاه موسى فحسب ، بل أثارها