يشفع لهم الأنبياء والأوصياء أو الملائكة وبعض الأصدقاء الصالحين ، فأولئك الضالون يتمنون الشافعين أيضا ، وأن يكون عندهم صديق هنالك! ...
إضافة إلى ذلك فإن كلمتي (الصديق) و (العدو) كما يقول بعض المفسّرين ، تطلقان على المفرد والجمع أيضا ...
إلّا أنّهم ما أسرع أن يلتفتوا إلى واقعهم المرّ ، إذ لا جدوى هناك للحسرة ولا مجال للعمل في تلك الدار لجبران ما فات في دنياهم ، فيتمنون العودة إلى دار الدنيا ... ويقولون : (فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ...)
وصحيح أنّهم في ذلك اليوم وفي عرصات القيامة يؤمنون بربّهم ، إلّا أن هذا الإيمان نوع من الإيمان الاضطراري غير المؤثر ، وليس كالايمان الاختياري ، وفي هذه الدنيا حيث يكون أساسا للهداية والعمل الصالح.
ولكن لا يحقق هذا التمني شيئا ، ولا يحلّ معضلا ، ولن تسمح سنة الله بذلك ، وهم يدركون تلك الحقيقة ، لأنّهم يتفوّهون بكلمة «لو» (١) ...
وأخيرا بعد الانتهاء من هذا القسم من قصة إبراهيم ، وكلماته مع قومه الضالين ، ودعائه ربّه ، ووصفه ليوم القيامة ، يكرر الله آيتين مثيرتين بمثابة النتيجة لعبادة جميعا ، وهاتان الآيتان وردتا في ختام قصة موسى وفرعون ، كما وردتا في قصص الأنبياء الآخرين من السورة ذاتها فيقول : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ...)
وتكرار هاتين الآيتين ، هو للتسرية عن قلب النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وتسليته ومن معه من الصحابة القلة وكذلك المؤمنين في كل عصر ومصر لئلا يستوحشوا في الطريق من قلة أهله وكثرة الأعداء ... وليطمئنوا إلى رحمة الله وعزته ، كما أن هذا التكرار بنفسه تهديد للغاوين الضالين. وإشارة إلى أنه لو وجدوا الفرصة في حياتهم وأمهلهم الله إمهالا فليس ذلك عن ضعف منه سبحانه ، بل هو من رحمته وكرمه!
__________________
(١) تعدّ (لو) من حروف الشرط ـ وعادة ـ تستعمل حينما يكون الشرط محالا ...