للإنسانية الموجودة في الطبقات الفقيرة والقلّة من الاشراف.
إن روح الطبقية كانت حاكمة على أفكارهم في أسوأ أشكالها ، ولذلك كانوا يسمّون الفقراء الحفاة بالأراذل.
و «الأراذل» جمع (أرذل) كما أنّه جمع (للرذل) ومعناه الحقير ... ولو كانوا يتحررون من قيود المجتمع الطبقي ، لأدركوا جيدا أن إيمان هذه الطائفة نفسها دليل على حقانية دعوة النّبي وأصالتها!
إلّا أنّ نوحا عليهالسلام جابهم وردّهم بتعبير متين ، وجرّدهم من سلاحهم و (قالَ وَما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ).
فما مضى منهم مضى ، والمهم هو أنّهم اليوم استجابوا لدعوة النّبي ، وقالوا له : لبّيك ، وتوجهوا لبناء شخصياتهم ، ومكنوا الحقّ من أن ينفذ إلى قلوبهم! ...
وإذا كانوا في ما مضى من الزمن قد عملوا صالحا أو طالحا ، فلست محاسبا ولا مسئولا عنهم آنئذ (إِنْ حِسابُهُمْ إِلَّا عَلى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ).
ويستفاد من هذا الكلام ـ ضمنا ـ أنّهم كانوا يريدون أن يتهموا هؤلاء الطائفة من المؤمنين ، بالإضافة إلى خلوّ أيديهم ، بسوء سابقتهم الأخلاقية والعملية ، مع أن الفساد والانحراف الخلقي عادة في المجتمعات المرفهة أكثر من سواها بدرجات ... فهم الذين تتوفر لديهم كل وسائل الفساد ، وهم سكارى المقام والمال ، وقلّ أن يكونوا من الصالحين.
إلّا أن نوحا عليهالسلام ـ دون أن يصطدم بهم في مثل هذه الأمور ـ يقول : ما علمي بهم وبما كانوا يعملون ، فإذا كان الأمر كما تزعمون فإنّما حسابهم على ربي لو تشعرون!
وإنّما عليّ أن أبسط جناحي لجميع طلّاب الحق (وَما أَنَا بِطارِدِ الْمُؤْمِنِينَ).
وهذه العبارة في الحقيقة جواب ضمني لطلب هؤلاء المثرين الأغنياء المغرورين ، الذين كانوا يطلبون من نوح أن يطرد طائفة الفقراء من حوله ، ليتقربوا