العصر ـ الأنعام والمطايا من النياق وغيرها. ومن جهة أخرى وفّر لكم القوّة الكافية وهي «الأبناء» للحفاظ على الأنعام وتدجينها ...
وهذا التعبير تكرر في آيات مختلفة ، فعند عدّ النعم المادية تذكر الأموال أولا ثمّ الأبناء ثانيا ، وهم الحفظة للأموال ومنمّوها ، ويبدو أن هذا ترتيب طبيعي ، لا أن الأموال أهم من الأبناء ... إذ نقرأ في الآية (٦) من سورة الإسراء (... وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً ...)
ثمّ يضيف بعد ذلك : (وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ).
وهكذا فقد وفر الله لكم سبل الحياة جميعا ، من حيث الأبناء أو القوّة الإنسانية ، والزراعة والتدجين ووسائل الحمل والنقل ، بشكل لا يحس الإنسان معه بأي نقص أو قلق في حياته!.
لكن ما الذي حدث حتى نسيتم واهب هذه النعم جميعا ، وأنتم تجلسون على مائدته ليل نهار ، ولا تعرفون قدره؟!
وأخيرا ، فإنّ هودا في آخر مقطع من حديثه مع قومه ينذرهم ويهددهم بسوء الحساب وعقاب الله لهم ، فيقول : (إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ...)
ذلك اليوم الذي ترون فيه نتائج أعمالكم وظلمكم وغروركم واستكباركم ، وحب الذات وترك عبادة الله ... ترون كل ذلك بأم أعينكم.
وعادة ـ يستعمل لفظ (اليوم العظيم) في القرآن ، ويراد منه يوم القيامة العظيم من كل وجه ... إلّا أنّه قد يستعمل في القرآن في اليوم الصعب الموحش المؤلم على الأمم ...
كما نقرأ في هذه السورة في قصة «شعيب» ، أن قومه بعد أن جحدوه ولم يؤمنوا به وعاندوه واستهزءوا به ، أرسل الله عليهم صاعقة «وكانت قطعة من الغيم» فعاقبهم بها ، فسمّي ذلك اليوم باليوم العظيم ، كما تقول الآية : (فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ).