وقد ذكر المفسّرون لها خصائص أخر (١).
وعلى كل حال ، كان على صالح عليهالسلام أن يعلمهم أن هذه الناقة ناقة عجيبة وخارقة للعادة ، وهي آية من آيات عظمة الله المطلقة فعليهم أن يدعوها على حالها ، وقال : (وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ ...)
وبديهي أن المترفين قوم صالح المعاندين كانوا يعلمون أن يقظة الناس ستؤدي إلى الإضرار بمنافعهم الشخصية فتآمروا على نحر الناقة : (فَعَقَرُوها فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ) (٢) لأنّهم رأوا أنفسهم قاب قوسين من العذاب الالهي.
ولما تجاوز طغيانهم الحدّ ، وأثبتوا بأعمالهم أنّهم غير مستعدين لقبول الحق ، اقتضت إرادة الله ومشيئته أن يطهر الأرض من وجودهم الملوّث (فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ).
وكما نقرأ في الآية (٧٨) من سورة الأعراف ، والآية (٦٧) من سورة هود ، ما جاء عن عذاب الله لهم إجمالا ... أن الأرض زلزلت من تحتهم ليلا ، فانتبهوا من نومهم وجثوا على الركب فما أمهلهم العذاب وأخذتهم الرجفة والصيحة ، فاهتزت حيطانهم وهوت عليهم فأماتتهم جاثمين على حالهم ففارقوا الدنيا بحال موحشة رهيبة! ...
ويقول القرآن في ختام هذه الحادثة ما قاله في ختام حوادث قوم هود وقوم صالح وقوم نوح وقوم إبراهيم عليهالسلام ، فيعبّر تعبيرا بليغا موجزا يحمل بين ثناياه عاقبة أولئك الظالمين : إن في قصة قوم صالح ، وفي صبره وتحمله واستقامته ومنطقه القويم من جهة ، وعناد قومه وغرورهم وانكارهم للمعجزة البيّنة ، والمصير
__________________
(١) لمزيد الإيضاح في هذا الصدد يراجع تفسير الآية (٦١) من سورة هود ...
(٢) كلمة (عقروها) مأخوذة من مادة (عقر) على زنة (قفل) ومعناها في الأصل أساس الشيء وجذره ، وقد تأتي بمعنى حز الرأس ، وتأتي بمعنى قطع الأرجل من الحيوان ، وما إلى ذلك.