السحر فاتّهموه بها و (قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ) (١) ولا يرى في كلامك ما هو منطقي!! وتظن أنّك بهذا الكلام تستطيع تقييد حريتنا في التصرف في أموالنا كما نشاء!!
ثمّ ما الفارق بينك وبيننا لنتّبعك؟! ولا مزيّة لك علينا (وَما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ).
وبعد إلقاء هذا الكلام المتناقض ، إذ تارة يدعونه (من الكاذبين) ورجلا انتهازيا ، وتارة يدعونه مجنونا أو من المسحّرين ، وكان كلامهم الأخير هو : إن كنت نبيّا (فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) حيث كنت تهددنا دائما بهذا اللون من العذاب.
و «كسف» على وزن (فرق) جمع (كسفة) على وزن (قطعة) ومعناها قطعة أيضا والمراد من هذه «القطع من السماء» هي قطع الأحجار التي تهوي من السماء ...
وهكذا يبلغ بهم صلفهم ووقاحتهم وعدم حيائهم إلى هذه الدرجة ، وأظهروا كفرهم وتكذيبهم في أسوأ الصور.
إلّا أن شعيبا عليهالسلام ، وهو يواجه هذه التعبيرات غير الموزونة والكلمات القبيحة وطلبهم عذاب الله ، كان جوابه الوحيد لهم أن (قالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ ...)
ويشير إلى أنّ الأمر خارج عن يدي ، وأن إنزال العذاب وإسقاط الكسف من السماء غير مخول بها ليطلب كل ذلك منّي ... فالله يعرف أعمالكم ويعلم بها ، وما أنتم أهل له ، فمتى لم تنفع المواعظ وتمّت الحجّة اللازمة ، فإنّ عذابه لا مرد له وسيقطع دابركم لا محالة! ...
وهذا التعبير وأمثاله ممّا يرد على لسان الأنبياء ، وما نلاحظه في آيات
__________________
(١) «المسحّر» كما أشرنا من قبل إليه ، هو المسحور ... أو الذي يقع عليه السحر من قبل السحرة ، لينفذوا في عقله ويبطلوا عمله!!