القرآن يدل على أنّهم كانوا يوكلون جميع الأمور إلى الله ، وإنّها بإذنه وأمره ، ولم يدّعوا أنّهم قادرون على كل شيء ، أو أنّهم يفعلون ما يشاءون!.
وعلى كل حال فإن عذاب الله أزف موعده ـ وكما يعبر القرآن عنه في الآية التالية قائلا : (فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ).
«الظلة» في الأصل معناها القطعة من السحاب المظلّل : أي ذي الظل ...
يقول أغلب المفسّرين في ذيل هذه الآية : إن حرّا شديدا محرقا حلّ في أرضهم سبعة أيّام ، ولم يهب نسيم بارد مطلقا ، فإذا قطعة من السحاب تظهر في السماء ـ بعد السبعة أيّام ـ وتحرك نسيم عليل فخرجوا من بيوتهم ، واستظلّوا تحت السحاب من شدّة الحرّ.
وفجأة سطعت من بين السحابة صاعقة مميتة بصوتها المذهل ، وأحرقتهم بنارها وزلزلت الأرض وهلكوا جميعا.
ونعرف أن الصاعقة تنتج عن تلاقح القوى أو «الطاقة» الموجبة والسابقة ، أو ما يعبر عنها بالشحنات الكهربائية وحين تتلاقح هذه الشحنات بين السحاب والأرض ينتج عنها صوت مرعب وشعلة موحشة ، وقد تهتز الأرض عند وقوعها فيتزلزل محل سقوطها ... وهكذا يتّضح أن اختلاف التعابير في آيات القرآن الواردة عن عذاب قوم شعيب ، يعود إلى حقيقة واحدة! ففي سورة الأعراف جاء التعبير بالرجفة (الآية (٩١) وفي سورة هود جاء التعبير بالصيحة (الآية ٩٤) أمّا في الآيات محل البحث فقد جاء التعبير بـ (عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ ...)
وبالرغم من أنّ بعض المفسّرين «كالقرطبي والفخر الرازي وغيرهم» يحتمل أن أصحاب الأيكة وأهل مدين كانوا جماعتين أو طائفتين ، وكل طائفة نزل عليهم عذاب خاص ، إلّا أنه مع ملاحظة هذه الآيات المتعلقة بهذا القسم ـ بدقة ـ يتجلّى أن هذا الاحتمال غير وارد! ...
وتختتم القصّة هذه بما ختمت القصص الست السابقة عن أنبياء الله الكرام ، إذ