ضارة عندئذ ...
فالشعر ينبغي أن يؤدي دورة في وجود الإنسان ليكون ذا قيمة كبرى ، وأن لا يسوق الناس نحو الخيال أو الضياع أو الإشغال دون جدوى ، لأنّه سيكون وسيلة للضرر والإضرار.
ويتّضح بهذا الجواب على السؤال التالي :
ماذا يفهم من الآيات المتقدمة ، هل الشاعريّة أمر حسن أو غير حسن ، وهل يوافق الإسلام الشعر أو يخالفه؟!
فالجواب على ذلك أن تقويم (١) الإسلام في هذا المجال قائم على الأهداف والوجوه والنتائج ... وكما قال الإمام علي عليهالسلام حين كان بعض أصحابه يتكلمون على مائدة الإفطار في إحدى ليالي شهر رمضان ، وجرى كلامهم في الشعر والشعراء ، فخاطبهم أمير المؤمنين علي عليهالسلام قائلا : «اعلموا أن ملاك أمركم الدين ، وعصمتكم التقوى ، وزينتكم الأدب وحصون أعراضكم الحلم». (٢)
فكلام الإمام علي عليهالسلام إشارة إلى أن الشعر وسيلة ... ومعيار تقويمه الهدف الذي قيل من أجله! ...
إلّا أنّه ـ وللأسف ـ استغلّ الشعر على امتداد تاريخ آداب الأمم والملل لأغراض سيئة ، وتلوّث هذا الذوق الإلهي اللطيف ، فسقط في الوحل بسبب البيئة الفاسدة ، وبلغ الشعر أحيانا درجة من الانحطاط بحيث صار من أهم عوامل الفساد والتخريب ، ولا سيما في العصر الجاهلي الذي كان عصر انحطاط الفكر العربي وأخلاقه!. فكان الشعر والشراب والغارات بعضها إلى جنب بعض ممّا مميزات ذلك العصر!
__________________
(١) «التقويم» له معان متعددة منها تقويم الأود أي إقامة الاعوجاج ، وتقويم الشيء إعطاء قيمته أو معرفتها ، وهو هنا بهذا المعنى. وما يجري على السنة الكتاب وأقلامهم بلفظ (تقييم) خطأ مشهور وغير صحيح (المصحح).
(٢) شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد ج ٢٠ ، ص ٤٦١.