ولكن من يستطيع أن ينكر هذه الحقيقة ، وهي أن الأشعار البنّاءة والهادفة على امتداد التاريخ ، خلقت طاقات كثيرة وحماسة قصوى ، وربّما عبأت امة مغلوبة بوجه أعدائها ، فشدتها على العدوّ فهزمته وانتصرت «بهذه الأشعار».
وفي فترة نضوج الثورة الإسلامية رأينا بأم أعيننا كيف أثرت الأشعار الحماسية في نفوس الناس ، فحركتهم وأثارتهم حتى جرت دماء الثورة في مفاصلهم ، وجعلتهم صفا واحدا وزلزلت قصور الأعداء وهزمتهم ...
كما نسأل : من يستطيع أن ينكر أن شعرا أخلاقيا ينفذ في أعماق الإنسان ويغيّر محتواه لدرجة لا يبلغها كتاب علمي غزير المحتوى ...
أجل ، إن الشعر كما قال عنه النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم «إن من الشعر لحكمة وإنّ من البيان لسحرا». (١)
وللكلمات الموزونة وإيقاعها ـ أحيانا ـ مضاء السيف ونفوذ السهم في قلب العدو ...
ففي بعض أحاديث الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ في مثل هذه الأشعار ـ أنه قال : «... والذي نفس محمد بيده فكأنّما تنضحونهم بالنبل». (٢)
أجل ... قال النّبي ذلك حين كان العدو يهجو المسلمين ليضعف معنوياتهم وروحيّاتهم ، فأمر النّبي شعراء المسلمين أن يردّوا عليهم بالهجاء المقذع ، لذمهم وتقوية روحيّة المسلمين.
وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم في شأن أحد الشعراء المدافعين عن الإسلام «أهجهم فإنّ جبرئيل معك». (٣)
وخاصّة حين سأل كعب بن مالك «الشاعر المؤمن» الذي كان ينشد قصائد
__________________
(١) نقل حديث الرّسول هذا جماعة كثيرة من علماء الشيعة والسنة في كتبهم «يراجع كتاب الغدير ، ج ٢ ، ص ٩».
(٢) مسند أحمد ، ج ٢ ، ص ٢٦٠.
(٣) مسند أحمد ، ج ٤ ، ص ٢٩٩.