الإسلامي لماضيهم المجيد ، كما لم يسمح بعقابهم أكثر ممّا يستحقونه.
كلمة «يأتل» مشتقّة من «أليّة» (على وزن عطيّة) أي اليمين ، أو إنّها مشتقة من «ألو» (على وزن دلو) بمعنى التقصير والترك.
وعلى هذا ، فإنّ الآية تعني وفق المعنى الأوّل النّهي عن هذا القسم بقطع مثل هذه المساعدات (١) ، وعلى المعنى الثّاني النهي على التقصير في مساعدتهم وترك مثل هذا العمل.
ثمّ تضيف الآية (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا) لتشجيع المسلمين وترغيبهم في العفو والصفح بقولها : (أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ).
فإنّكم مثلما تأملون من الله العفو عنكم وأن يغفر خطاياكم ، يجب عليكم العفو والصفح عن الآخرين (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
والمثير للدهشة أنّ أصحاب الإفك أدينوا بشدّة في آيات شديدة اللهجة ، إلّا أنّها تسيطر على مشاعر المفرطين لمنعهم من تجاوز الحدّ في العقوبة بثلاث جمل ذات تشعشع أخّاد ، الأول : الأمر بالعفو والسماح.
ثمّ تقول : ألا تحبّون أن يغفر الله لكم؟ فينبغي عليكم أن يعفوا وتصفحوا كذلك.
ولتأكيد ذلك تذكر الآية صفتين من صفات الله «الغفور» و «الرحيم».
وهكذا تقول الآية للناس : لا يمكنكم أن تكونوا أحرص من الله الذي هو صاحب هذا الحكم ، وهو يأمركم بألّا تقطعوا مساعداتكم.
ممّا لا شك فيه أن جميع المسلمين الذين تورطوا في حادثة الإفك لم يكونوا مشاركين في التآمر بهذا الصدد ، ولكن المنافقين هم الذين وضعوا أساس فتنة الإفك وتبعهم مسلمون مضلّلون.
ولا شك في أنّهم جميعا مقصّرون ومذنبون ، ولكن بين هاتين المجموعتين
__________________
(١) في هذه الحالة يجب تقدير وجود حرف «لا» قبل «يؤتوا» فيكون التقدير «ولا يأتل ... أن لا يؤتوا».