فليست الأسماء ، ولا الانتساب هي التي تنجي أحداً في العالم الآخر ، وإنّما هو الإيمان والعمل الصالح ، وهذا الباب مفتوح على وجه كل انسان يهودياً كان أو نصرانياً مجوسياً أو غيرهم.
ويوضح المراد من هذه الآية قوله سبحانه : ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ ) ( المائدة ـ ٦٥ ).
فتصرّح الآية بانفتاح هذا الباب بمصراعيه في وجه البشر كافة من غير فرق بين جماعة دون جماعة حتى أنّ أهل الكتاب لو آمنوا بما آمن به المسلمون لقبلنا إيمانهم وكفّرنا عنهم سيئاتهم.
هذا هو كل ما كان يريد القرآن بيانه من خلال هذه الآيات ، وليس أي شيء آخر.
إذن فلا دلالة لهذه الآيات الثلاثة على إقرار الإسلام لشرعية الشرائع بعد ظهوره .. وإنّما تدل على أنّ القرآن يحاول بها إبطال بعض المزاعم.
يبقى أن تعرف أنّ هنا آيات اُخرى تؤيد بصراحة ما ذهبنا إليه من انحصار النجاة في الإيمان والعمل ، وذلك كسورة ( والعصر ) :
( وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ) ( العصر : ١ ـ ٣ ).
كما أنّ تكرار كلمة ( الإيمان ) في الآيات الثلاث تأكيداً آخر لما قلناه حيث قال في مطلع الآيات : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ) ثم قال : ( ... مَنْ آمَنَ بِاللهِ ) وهو يقصد بمن ( آمنوا ) الاُولى ، الذين اعتنقوا الإسلام في الظاهر ، دون أن يتسرب الإيمان إلى قلوبهم ، وينعكس على تصرفاتهم ، ويقصد بمن ( آمن ) الثانية الإيمان الصادق المقرون بالعمل.
وبعبارة اُخرى : انّ المراد من قوله : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ) هم المسلمون لوقوعه في مقابل اليهود والنصارى ، ويشهد على ذلك قوله سبحانه : ( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً