لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ ) ( المائدة : ٨٢ ) فقد جعل لفظ « آمنوا » في مقابل اليهود.
وحينئذ فالمراد من قوله : ( آمَنُوا ) في صدر الآية هو من أظهر الإيمان بالله ورسالة رسوله محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم كما أنّ المراد من قوله : ( مَن يُؤْمِنُ ) هو الإيمان الحقيقي الراسخ في القلب.
ونظيره قوله سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا ) ( النساء ـ ١٣٦ ).
ثمّ إنّي بعد ما كتبت هذا وقفت على ما كتبه الكاتب الإسلامي أبو الأعلى المودودي حول الآية ، وكان متقارباً لما قلناه ، وحررناه ، ولأجل اتمام الفائدة نأتي بإجمال ما كتبه :
والحقيقة انّ هذا التحريف قد اسدى إلى روح الضلالة خدمة كان قد عجز عن مثلها أكابر أئمّة الضلال والكفر على بعد نظرهم ، ومكرهم في التضليل ، إذ هو يزوّد ـ في جانب ـ غير المسلمين بدليل من القرآن نفسه على عدم احتياجهم إلى قبول الحق ، ويأخذ ـ في جانب آخر ـ بيد المنافقين والدخلاء على الجماعة الإسلامية من الذين يتلملمون دائماً للتنصل من قيود الإسلام وحدوده حتى ينالوا الرخصة بلسان القرآن نفسه في ازالة الحاجز القائم بين الكفر والإسلام ، ويزلزل ـ في الجانب الثالث ـ إيمان المؤمنين المتّبعين للقرآن والسنّة في داخل الجماعة الإسلامية حتى ليساورهم الشك بأنّ الانسان ما دام من الممكن له أن يستحق النجاة ولو بانكار القرآن والسنّة النبوية وبغير حاجة إلى الإيمان بكتاب ولا برسالة ، فمن العبث أن يتقيّد بحدود الإسلام إذ لا فرق ـ البتة ـ بين كونه مسلماً أو يهودياً أو نصرانياً أو صابئياً أو هندوكياً أو غيره.
ثم شرع الكاتب في تفسير جمل الآية وقال :
إنّ المراد ب : ( الَّذِينَ آمَنُوا ) هم طائفة أهل الإسلام وإنّ المراد من : ( مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ) اُولئك الذين هم متصفون في حقيقة الأمر بصفة الإيمان الصحيح الكامل.
والمراد من : ( وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ ... ) اُولئك الذين يعدون من طوائف