رسول الله ، حتى قدموا على قريش مكة وقالوا : إنّا سنكون معكم عليه ، حتى نستأصله ، فقالت لهم قريش : يا معشر يهود ، إنّكم أهل الكتاب الأوّل والعلم بما أصبحنا نختلف فيه نحن ومحمد أديننا خير أم دينه ؟قالوا : بل دينكم خير من دينه وأنتم أولى بالحق منه (١).
بل منهم من سعى لتحريض الروم على غزوهم ومنهم من كان يقطع الطريق على المؤمنين ويأوي أعداءهم ويساعدهم ككعب الأشراف.
ويمكن أن تكون الآية ناظرة إلى الأعمال الإجرامية التي كانوا يرتكبونها قبل الميلاد وبعده ثم ضد المسلمين.
والمراد من الاطفاء خذلانهم في كل ما يكيدون لرسوله وللمؤمنين ، امّا بخيبتهم في ما يسعون إليه من الاغراء والتحريض ، وامّا بنصر الله رسوله والمؤمنين وعلى أي تقدير ، المراد خيبة مساعيهم في الحروب التي يوجهونها على دين الله ورسوله والمؤمنين ، بما هم متدينون ومؤمنون بالله وآياته ، وأمّا الحروب والنيران التي يوقدونها لا لمحق الدين بل لأغراض سياسية ، أو تغلب جنسي ، فهي خارجة عن مساق الآية.
قال الطبرسي : وفي هذا دلالة ومعجزة لأنّ الله أخبر فوافق خبره المخبر عنه ، فقد كانت اليهود أشد أهل الحجاز بأساً وأمنعهم داراً حتى أنّ قريشاً كانت تعتضد بهم والأوس والخزرج تستبق إلى محالفتهم وتتكثر بنصرتهم ، فأباد الله خضراءهم واستأصل شأفتهم واجتث أصلهم ، فأجلى النبي بني النضير وبني قينقاع وقتل بني قريظة وشرّد أهل خيبر وغلب على فدك ، ودان له أهل وادي القرى فمحى الله آثارهم صاغرين (٢).
٣. قوله سبحانه : ( وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا ) فليس الهدف من تقلبهم في البلاد ، السعي وراء صالح الأعمال والأخلاق ، أو اصلاح شؤون الاجتماع ، بل لا
__________________
(١) سيرة ابن هشام ج ١ ، ص ٥٤ و ٥٥ و ٢١٤.
(٢) مجمع البيان ج ٢ ص ٢٢١.