نعم استدل بعض الأكابر (١) على عموم علم النبي والأئمة من أهل بيته لكل غابر وحادث بل على فعلية علومهم بكل شيء بقوله سبحانه : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) ( الأحزاب ـ ٣٣ ) ، وبقوله سبحانه : ( إِنَّ اللهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ) ( آل عمران ـ ٣٣ ).
حيث قال : « إنّ عموم إذهاب الرجس والتطهير والاصطفاء ، الظاهري والباطني والتنزيه عن شوائب الكدر ، وظلمات الجهل والسهو دال على كلّ من المطلوبين من عموم علمهم وفعليته » لكن في دلالة الآيتين على المطلوب خفاءً.
أمّا الاُولى : فإنّ دلالتها على اعتصام أهل البيت بالعصمة الالهية في غاية الظهور على ما هو مقرر في محله ، وأمّا دلالتها على سعة علمهم وفعليته ففيه خفاء تام ، فإنّ الرجس هو الشيء القذر يقال : رجل رجس ، ورجال أرجاس ، والقذارة أمر وجودي توجب تنفر النفس من الشيء المتلبس بها وهي إمّا بحسب ظاهر الشيء كما في الخنزير كقوله سبحانه : ( إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ ) ( الأنعام ـ ١٤٥ ) ، أو بحسب باطنه وهي القذارة المعنوية كالشرك والكفر ومساوئ الأخلاق والخمر والميسر بما لهما من الآثار الموبقة ، قال سبحانه : ( وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَىٰ رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ ) ( التوبة ـ ١٢٥ ) ، وقال عزّ وجلّ : ( وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَٰلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ ) ( الأنعام ـ ١٢٥ ) ، وقال تعالى : ( إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) ( المائدة ـ ٩٠ ). والمتفحص في موارد استعماله يذعن بأنّه أمر وجودي في الشيء إمّا بحسب ظاهره مما يدركه الناس أو باطنه مما يجب أن ينبه عليه من جانب العقل أو الشرع ، والغاية من إذهاب الرجس عنهم هو إزالة كل صفة خبيثة في النفس ، تدعو إلى الاعتقاد الباطل أو العمل السيء في مقابل العصمة الالهية ، التي هي هيئة
__________________
(١) السيد عبد الحسين النجفي الشيرازي.