الْقَرْنَيْنِ)١، قال إنّما سُمّي ذا القَرنَين لأنّه دعا قومه إلى عبادة الله عزّ وجلّ، فضربوه على قرنه الأيمن، فمات ثمّ أحياه الله عزّ وجلّ، فضربوه على قرنه الأيسر، فمات فأحياه الله تعالى. قال : ومن ذلك قول عليّ عليهالسلام حين ذكر قصّة ذي القرنين قال : وفيكم مثله، فنرى أنّه إنّما عنى نفسَه ؛ لأنّه ضُرِبَ على رأسه ضربتين، إحداهما يوم الخندق والأخرى ضربة ابن ملجم، فيجوز أن تكون الإشارة إلى ذلك بقوله : «وإنّك ذو قرنيها»، أي قرنَي هذه الأمّة كما كان ذو القرنين في تلك الأمّة.٢
وعن أبي الفتوح الرازيّ بإسناده في حديث طويل حين سأل ابنُ الكوّاء أميرَ المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام عن ذي القرنين : مَلِك أو نبيّ؟ قال عليهالسلام : ما كان ذو القرنين مَلِكاً ولا نبيّاً، بل كان عبداً صالحاً لله، أحبّ الله وأحبّه الله، وكان ينصح عباد الله. قال : قَرناه من ذهب أو فضّة؟ قال : ما كان له قرن، فلا ذهب ولا فضّة، إنّه دعا قومه إلى الله أوّلاً فضربوه على قرنه الأيمن، فغاب عنهم حيناً، ثمّ عاد إليهم. ثانياً فضربوه على قرنه الأيسر، فقيل له : ذو القرنين، وفيكم مِثله (يقصد نفسه إذ ضُرب بالسيف على رأسه ضربتين، الأولى في غزوة الأحزاب، ضربه عمرو بن عبد ودّ، والأخرى في محراب العبادة ضربه ابن ملجم المراديّ)، ولذلك قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : عليّ فاروق هذه الأمّة وصدّيقها وذوقرنيها.٣
وعن أبي الطفيل قال : سمعت عليّاً يخطب فقال : «سلوني قبل أن تفقدوني»، فقام إليه ابن الكوّاء، فقال : ما (وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا)؟ قال : الرياح. قال :
_______________________
١ ـ الكهف / ٨٣.
٢ ـ الرياض النّضرة ٢ / ١٨٤؛ نظم درر السمطين ١٢٧.
٣ ـ تفسير روح الجِنان وروح الجَنان ٣ / ٤٤٥، الاحتجاج للطبرسيّ ١ / ٢٢٩، انظر مؤدّاه في : المعيار والموازنة ٢٩٩.