تأتيه من غلّته بالمدينة بينبع، وكان يُطعم النّاس منها الخبز واللحم، ويأكل هو الثريد بالزيت.١
روي أنّ عليّاً عليهالسلام اشتهى كبداً مشويّة على خبزة ليّنة، فأقام حولاً يشتهيها، ثمّ ذكر ذلك للحسن عليهالسلام وهو صائم يوماً من الأيّام، فصنعها له، فلمّا أراد أن يفطر قرّبها إليه، فوقف سائل بالباب، فقال : يا بنيّ، احملها إليه، لا تُقرأ صحيفتنا غداً (أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا).٢
وروى عبد الله بن الحسين بن الحسن، قال : أعتق عليّ عليهالسلام في حياة رسول الله صلىاللهعليهوآله، ألف مملوك ممّا مَجَلت يداه وعَرَق جبينه، ولقد وَليَ الخلافة، وأتته الأموال، فما كان حَلواه إلّا التمر، ولا ثيابه إلّا الكرابيس.٣
وعن أبي الأسود الدؤليّ، قال : لمّا ظهر عليّ عليهالسلام يوم الجمل، دخل بيت المال بالبصرة في ناس من المهاجرين والأنصار وأنا معهم، فلمّا رأى كثرة ما فيه، قال : غُرّي غيري، مراراً. ثمّ نظر إلى المال وصعّد فيه بصره وصوّب وقال، أقسِموه بين خمس مائة، فقسّم بينهم، فلا والّذي بعث محمّداً صلىاللهعليهوآله بالحقّ ما نقص درهماً ولا زاد درهماً، كأنّه كان يَعرف مبلغه ومقداره، وكان ستّة ألف آلاف درهم، والنّاس اثنا عشر الف.
وقال حبّة العُرَنيّ : قسّم عليّ عليهالسلام بيت مال البصرة على أصحابه خمس مائة خمس مائة، وأخذ خمس مائة درهم كواحد منهم، فجاءه إنسان لم يحضر الوقعة، فقال : يا أمير المؤمنين، كنتُ شاهداً معك بقلبي وإن غاب عنك جسمي، فأعطِني من الفيء شيئاً. فدفع إليه الّذي أخذه لنفسه وهو خمس مائة، ولم يُصِب
_______________________
١ ـ نفس المصدر ٢ / ٢٠٠.
٢ ـ سفينة البحار ٤ / ١٦٣ (كبد)، والآية (٢٠) من سورة الأحقاف.
٣ ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٢ / ٢٠٢.