القرص، ولا عهد له بالشّبع، أوَ أبيت مِبطاناً وحولي بطونٌ غَرثىٰ وأكبادٌ حَرّىٰ؟!١
وقال أبو جعفر الإسكافيّ : وبلغ من صبره ما إن كان الجوع إذا اشتدّ به وأجهده خرج يؤجر نفسه في سقي الماء بكفِّ تمرٍ لايسدّ جوعته ولا خلّته، فإذا أُعطي أجرته لم يستبدّ به وحده حتّى يأتي به رسول الله صلىاللهعليهوآله وبه من الجوع مثل ما به فيشتر كان جميعاً في أكله.٢
وأخرج الخطيب الخوارزميّ بإسناده عن عمر بن عبد العزيز، قال : ما علمنا أنّ أحداً كان في هذه الأمّة بعد النّبيّ صلىاللهعليهوآله أزهد من عليّ بن أبي طالب عليهالسلام.٣
وعن الشّعبيّ قال : دخلت الرُّحبة بالكوفة ـ وأنا غلام في غلمان ـ فإذا أنا بعليّ عليهالسلام قال قائماً على صُبرَتَين من ذهب وفضّة، ومعه مِخفَقَة، وهو يطرد النّاس بِمِخفَقة ثمّ يرجع إلى المال فيقسّمه بين النّاس حتّى لم يَبقَ منه شيء. ثمّ انصرف ولم يحمل إلى بيته قليلاً ولا كثيراً. فرجعت إلى أبي، فقلت له : لقد رأيتُ اليوم خير النّاس، أو أحمق النّاس! قال : مَن هُو يا بُنَيّ؟ قلت : عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين، رأيته يصنع كذا، فقصصت عليه، فبكى وقال : يا بنيّ، بل رأيتَ خير النّاس.٤
وروى بكر بن عيسى، قال : كان عليّ عليهالسلام يقول : يا أهل الكوفة، إذا أنا خرجتُ من عندكم بغير راحلتي ورَحلي وغلامي فلان فأنا خائن. فكانت نفقته
_______________________
١ ـ نهج البلاغة الرسالة ٤٥.
٢ ـ المعيار والموازنة ٢٣٨.
٣ ـ المناقب للخوارزميّ ١١٧ رقم ١٢٨؛ الغارات ١ / ٨٢؛ الكامل في التاريخ ٣ / ٢٠١؛ تاريخ مدينة دمشق، ترجمة الإمام عليّ عليهالسلام ٣ / ٢٥٢ باختلاف يسير.
٤ ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٢ / ١٩٨.