غداة غد، فلمّا فرغ من كلامه، التفت النّبيّ صلىاللهعليهوآله إلى أبي بكر وقال : من يمضي منكم مع أخينا عطرفة، لينظر ما هم عليه، وليحكم بالحقّ بينهم؟ قال : وأين هم؟ فقال صلىاللهعليهوآله : هم تحت الأرض، فقال : كيف نطيق النزول إلى الأرض؟ وكيف نحكم بينهم ولا نحسن كلامهم؟ فلم يردّ النّبيّ صلىاللهعليهوآله جواباً.
ثمّ التفت إلى عمر بن الخطّاب، فقال له مثل قوله لأبي بكر، فأجاب مثل جواب أبي بكر. ثمّ أقبل على عثمان، فقال له مثل قوله لهما، فأجابه كجوابهما.
ثمّ استدعى بعليّ عليهالسلام وقال له : يا عليّ، إمضِ مع أخينا عطرفة، وأشرِف من قومه وانظر ما هم عليه وأحكم بينهم بالحقّ، فقام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام وقال : السّمع والطّاعة، ثمّ تقلّد سيفه. قال سلمان : فتبعته إلى أن صار بالوادي، فلمّا توسّطه نظر أميرُ المؤمنين عليهالسلام وقال لي : شَكَر اللهُ سعيك يا أبا عبد الله الله فارجع، فرجعت ووقفت أنظر إليه ممّا يقع منه، فانشقّت الأرض، فدخل فيها وعادت إلى ما كانت، فدخلني من الحسرة ما اللهُ أعلم به، كلّ ذلك إشفاقاً على أمير المؤمنين.
فأصبح النّبيّ وصلّى بالنّاس صلاة
الغداة، ثمّ جلس على الصفا وحفّ به أصحابه، فتأخّر أمير المؤمنين عن وقت ميعاده حتّى ارتفع النّهار، وأكثر النّاسُ الكلامَ فيه إلى أن زالت الشّمس، وقالوا : إنّ الجنّ احتالوا على النّبيّ صلىاللهعليهوآله ، فقد أراحنا الله تعالى من أبي تراب وذهب افتخاره بابن عمّه علينا! وظهرت شماتة المنافقين وأكثروا الكلام، إلى أن صلّى النّبيّ صلىاللهعليهوآله
صلاة الظهر والعصر وعاد إلى مكانه، وأظهر النّاس الكلام وأيسوا من أمير المؤمنين عليهالسلام.
وكادت الشّمس تغرب، فأيقن القوم أنّه مات وظهر نفاقهم، إذ قد انشقّ الصّفا وطلع أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام،
وسيفه يقطر دماً ومعه عطرفة، فقام النّبيّ صلىاللهعليهوآله
وقبّل بين عينيه وجبينه، وقال له : ما الّذي حبسك عنّي إلى هذا الوقت؟ فقال عليّ عليهالسلام : سِرتُ