على قلبها، قال : فنزل عليّ عليهالسلام عن فرسه، ثمّ دنا من الصخرة، قال : باسم الله، ثمّ حرّكها ورفعها، فدحاها ناحية. قال : فإذا بعينٍ من الماء لم يَرَ النّاس أعذب منها ولا أصفى ولا أبرد، فنادى في النّاس أن هلمّوا إلى الماء.
قال : فورد النّاس فنزلوا وشربوا وسَقَوا ما معهم من الظَّهر، وملأوا أسقيتهم، وحملوا من الماء ما أرادوا، ثمّ حمل عليّ الصخرة، وهو يحرّك شفتيه بمثل كلامه الأوّل، حتّى ردّ الصخرة إلى موضعها، ثم سار حتّى نزل في الماء الّذي أرادوا، وإذا ماؤه متغيّر. فقال عليّ عليهالسلام لأصحابه : أفيكم من يعرف مكان الماء الّذي شربتم منه؟ فقالوا : نعم يا أمير المؤمنين. قال : فانطلقوا إليه، فطلبوا مكان الصخرة فلم يقدروا عليه، فانطلقوا إلى الراهب، فصاحوا به : يا راهب، فأشرف عليهم، فقالوا : أين هذا الماء الّذي هو بالقرب من ديرك؟ فقال الراهب : إنّه ما بقربي شيء من الماء : فقالوا : بلى، قد شربنا منه نحن وصاحبنا، وهو الّذي استخرج لنا الماء وقد شربنا منه، فقال الرّاهب : واللهِ ما بُني هذا الدير إلّا بذلك الماء، وإنّ الماء، وإنّ لي في هذه الصومعة منذ كذا سنة، ما علمت بمكان هذا الماء، وإنّها عينٌ يقال لها عين راحوما، ما استخرجها إلّا نبيّ أو وصيّ نبيّ، ولقد شرب منها سبعون نبيّاً وسبعون وصيّاً.
قال : فرجعوا إلى عليّ عليهالسلام فأخبروه بذلك، فسكت ولم يقل شيئاً. قال : ونظر إليه راهب قد كان هنالك في صومعة له، فنزل من الصومعة وأقبل إلى عليّ عليهالسلام، فأسلم على يده، ثمّ قال : يا أمير المؤمنين، إنّ عندنا كتاباً توارثناه عن آبائنا، يذكرون أنّ عيسى بن مريم عليهالسلام كتبه، أفاعرضه عليك؟ قال عليّ عليهالسلام : نعم، فهاته. فرجع الراهب إلى الصومعة وأقبل بكتاب عتيق قد كاد أن يندرس، فأخذه عليّ وقبّله، ثمّ دفعه إلى الراهب، فقال : اقرأه علَّي، فقرأه الراهب على عليّ عليهالسلام، فإذا فيه :