ذلك من عجائب الكتاب المبين.١
وأخلاق أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام وحلمه من أخلاق رسول الله صلىاللهعليهوآله، وأخلاق عليّ عليهالسلام ليس فيها نهاية ولا بداية، ولكن لا نترك الإشارة إلى بعضها لكثرة الحلم وسعة الصدر، وتواضع النفس والعفو عن المسيء، ورحمة الفقراء، وإعانة الضعفاء، وتحمّل المشاقّ، وجمع المكارم، والزهد في الدّنيا مع إقبالها عليه وصدوده عنها مع توجّهها إليه، وله النصيب الأكبر من السماحة، والحظّ الأوفر من الشجاعة، وكان بين النّاس كأحدهم، وقد بلغ في ذلك إلى الغاية القصوى حتّى نُسِبَ من غزارة حسن خلقه إلى الدُّعابة، وكان مع هذه الغاية في حسن الخُلق ولين الجانب يخصّ بذلك ذا الدّين واللّين، وأمّا من لم يكن كذلك فكان يوليه غلظة وفظاظة للتأديب، حتّى روي عنه عليهالسلام أنّه قال في هذه المعني :
ألينُ لمَن لانَ لي جنبُه |
|
وأنزو على كلّ صعبٍ شديدِ |
كذا الماسُ يعمل فيه الرصاص |
|
على أنّه عاملٌ في الحديدِ |
وقد قال عليهالسلام : حُسن الخُلق من الإيمان.٢
روى أنّ عليّاً عليهالسلام دعا غلاماً له مراراً فلم يُجبه، فخرج فوجده على باب البيت فقال : «ما حملك على ترك إجابتي؟»، قال : كَسِلتُ عن إجابتك وأمِنتُ عقوبتك، فقال : «الحمد الله الّذي جعلني ممّن تأمنه خلقه، امض فأنت حرٌّ لوجه الله»، وأنشد أشجع :
ولستُ بخائفٍ لأبي حسينٍ |
|
ومَن خافَ الإلٰه فلن يُخافا |
وهو عليهالسلام بِشره دائم، وثغره باسم، غيث لمن رغب، وغياث لمن رهب، مآل
_______________________
١ ـ محاسن الأزهار ٤٧٥.
٢ ـ مطالب السؤول ١٢٠؛ شرح المواقف ٨ / ٣٧١.