بعلمه، وقد جنيت ثمار النصر من علمه، والتقطت جواهر العلم من قلمه.١
وكان أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام هو الحاوي للعلوم بأسرها، وهو المبين للجّتها والمعدن لها بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله، فوصل فيها إلى الغاية القصوى وإلى مرتبة لا يمكن لأحد من جميع المخلوقات من الملائكة والبشر الوصول إليها سوى رسول الله صلىاللهعليهوآله، وإنّ العلوم الإسلاميّة كلّها قد انتشرت في البلاد الإسلاميّة بواسطة عليّ بن أبي طالب عليهالسلام، وتلامذته من كبار الصّحابة. وكان عليّ عليهالسلام أعلم الأمّة في جميع العلوم، ويكفي للدّلالة على ذلك مطلقاً حديث «أنا مدينة العلم وعليّ بابها، وأنا دار الحكمة وعليّ بابها».
عن الفسويّ، بإسناده عن مسروق قال : انتهى العلم إلى ثلاثة : عالِم بالمدينة، وعالِم بالشام، وعالِم بالعراق : فعالم بالمدينة عليّ بن أبي طالب، وعالم الكوفة عبد الله بن مسعود، وعالم الشام أبو الدرداء، فإذا التَقَوا سأل عالِمُ الشام وعالمُ العراق عالِمَ المدينة ولم يسألهم.٢
وعن محمّد بن طلحة الشّافعيّ، قال : نقل القاضي أبو محمّد البغويّ في كتابه الموسوم بالمصابيح أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : أنا مدينة العلم وعليّ بابها. وقال : لمّا كان العلم أوسع أنواعاً وأبسط فنوناً وأكثر شُعَباً وأغزر فائدة وأعمّ نفعاً من الحكمة خُصّص الأعمّ بالأكبر والأخصّ بالأصغر.
وفي قول النّبيّ صلىاللهعليهوآله ذلك إشارة إلى كون عليّ عليهالسلام نازلاً من العلم والحكمة منزلة الباب من المدينة والباب من الدّار، لكون الباب حافظاً لما هو داخل المدينة وداخل الدّار من تطرّق الضياع والاعتداء والذهاب عليه.
ولأنّ معنى الحديث أنّ عليّاً عليهالسلام حافظ للعلم والحكمة، فلا يتطرّق إليهما
_______________________
١ ـ مناقب آل أبي طالب ٣ / ٣٢١ ـ ٣٢٦، ٣٢٩ ـ ٣٣٤؛ المناقب للخوارزميّ ٤٢.
٢ ـ المعرفة والتاريخ، ١ / ٢٣٦.