دليلاً على غزارة علمه.
وأقصى المطالب في علم الأصول علم التوحيد، والعلم بالقضاء والقدر، والعلم بالنبوّة، والعلم بالمعاد والبعث والآخرة، وكلامه عليهالسلام يشهد بمكانه من هذه العلوم ومعرفته بها وبلوغه فيها ما تعجز عنه الأوائل والأواخر؛ فمن تدبّر معاني كلامه وعرف مواقعه علم أنّه البحر الذي لا يُساحَل، والحبر الذي لا يُطاوَل.١
وقال : عليهالسلام أيضاً : لو شئت لَأوقرتُ من تفسير الفاتحة سبعين بعيراً.٢
وعن الأصبغ بن نباتة، قال : لمّا قَدِم عليّ بن أبي طالب الكوفةَ صلّى بالناس أربعين صباحاً يقرأ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) فعابه بعض، فقال : إنّي لَأعرف ناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، وما حَرفٌ نزل إلّا وأنا أعرف فيمن أُنزل، وفي أيّ يوم وأيّ موضع أُنزل، أما تقرؤون : (إِنَّ هَٰذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَىٰ * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ)، واللهِ هي عندي، وَرِثتُها من حبيبي رسول الله صلىاللهعليهوآله وإبراهيم وموسى عليهماالسلام. واللهِ أنا الذي أنزل فيّ (وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ) فإنّا كنّا عند رسول الله صلىاللهعليهوآله فيخبرنا بالوحي فأعِيهِ ويفوتهم، فإذا خرجنا قالوا : ماذا قال آنفاً؟!٣
وقال أيضاً : سَلُوني عن طرق السّماء، أو قال : سلوني عن كتاب الله، أو قال : سلوني قبل أن تفقدوني.٤ ولم يكن أحد من الصّحابة يقول : «سلوني» إلّا عليّ
_______________________
١ ـ كشف الغمّة ١ / ١٧٥.
٢ ـ تذكرة الخواصّ ٤.
٣ ـ بصائر الدرجات ٣ / ١٣٥، باب ١٠ رقم ٣.
٤ ـ مطالب السؤول ١١١؛ ذخائر العقبى ٨٣؛ الصواعق المحرقة ١٢٧، ١٢٨؛ غرر الحكم ٤٠٣؛ نهج الإيمان ٢٧١؛ المناقب للخوارزميّ ٩٤؛ نهج البلاغة، الخطبة ١٨٩؛ فرائد السمطين ١ / ٣٤٠ رقم ٢٦٣.