ونحوه قوله عز اسمه : (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ)(١) ، شبه مطلق استعلاء بمطلق ظرفية بجامع التمكن في كل ، فسرى التشبيه من الكليين للجزئيات التي هي معاني الحروف فاستعير لفظ (في) الموضوع لجزئي من جزئيات الظرفية لمعنى على الموضوع للاستعلاء على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية.
ومدار قرينة الاستعارة التبعية في الأفعال والصفات المشتقة منها على نسبتها الى الفاعل نحو : نطقت الحال بكذا ، أو الى المفعول الأول كقول ابن المعتز :
جمع الحق لنا في إمام |
|
قتل البخل وأحيا السماحا |
فالذي دل على استعارة قتل وأحيا ، إنما إسنادهما الى البخل والسماح ، إذ لو قال : قتل الأعداء وأحيا الأحياء ، لم يكن هناك سبيل للاستعارة فيهما ، أو الى المفعول الثاني ، كقول القطامي :
لم تلق قوما هم شر لإخوتهم |
|
منا عشية يجري بالدم الوادي |
نقريهم لهذميات نقد بها |
|
ما كان خاط عليهم كل زراد (٢) |
فإسناد القرى الى اللهذميات قرينة على أن نقريهم استعارة ، أو الى المفعولين الأول والثاني ، كقول الحريري :
وأقرى المسامع إما نطقت |
|
بيانا يقود الحرون الشموسا (٣) |
فإن تعلق أقوى بكل من المسامع والبيان دليل على أنه استعارة ، أو الى المجرور ، نحو : (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ)(٤) ، فذكر العذاب دليل على أن بشر استعارة تبعية تهكمية.
(تنبيهات) أولها كما تكون المصرحة أصلية وتبعية تكون المكنية كذلك (٥).
__________________
(١) سورة طه الآية ٧١.
(٢) نقريهم من قريت الضيف ، واللهذم من الأسنة القاطع واللهذميات منسوبة اليها ، والقد : القطع ، وضمن خاط معنى قد ، فعداه بعلى ، وزرد الدرع وسردها نسجها.
(٣) الحرون من الخيل ما لا يسهل قياده والشموس منها ما يمنع ظهره من الركوب.
(٤) سورة الانشقاق الآية ٢٤.
(٥) لكن لا تجري التبعية بجميع أقسامها في المكنية إذ أنها لا بد فيها من إثبات لازم المشبه به للمشبه ووضع الفعل واسمه ، والحرف يقتضي ألا يثلت لمعناها شيء لوجه ما لا بالإسناد اليه ، ولا بالايقاع عليه ولا الإضافة اليه.