وكل ميسّر لما خلق له ، و : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها)(١) ، ولا يكلّفها إلّا ما آتاها (٢) ، (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ)(٣). والآيات والأخبار الدالّة على رفع التّكليف عن الجاهل والغافل كثيرة ، ذكرنا شطرا منها في مباحث الأدلّة العقليّة.
وأمّا غير الغافل والجاهل ، فعلى القول بعدم جواز التّقليد إن كان مقلّدا في الحقّ جازما به وعالما بوجوب النّظر تاركا للاستدلال مع الإصرار ، فهو مؤمن فاسق ، إلّا على قول الشيخ كما بيّنّا.
والقول بالكفر كما يظهر من ظاهر العلّامة وغيره ، بعيد غاية البعد إن أراد به عدم الإيمان الواقعيّ ، وإن أريد به عدم إجراء حكم المؤمنين عليه في الدّنيا ، فلا يصحّ جزما ، لأنّه ليس أدنى من المنافق.
وأمّا بدون الإصرار والرّجوع الى الاستدلال ، فلم نحكم بفسقه.
والحاصل ، أنّ المقلّد الجازم على القول بعدم جواز التّقليد ، ينبغي أن يكون مؤمنا يعامل معاملة المؤمنين في الدّنيا ، وأمّا في الآخرة فيمكن أن يكون من جملة المرجون لأمر الله تعالى كسائر المستضعفين من المسلمين ، للإشكال في الفرق بينه وبين المقلّد في الباطن ، ويمكن أن يحكم بعدم العذاب من جهة الإيمان ، وهو مقتضى ما حقّقناه سابقا ، ولكنّه يجري في سائر الفرق أيضا.
وأمّا المقلّد للحقّ ، الظّانّ العالم بوجوب النّظر الغير المصرّ ، فالظّاهر أنّه يعامل
__________________
(١) البقرة : ٢٨٦.
(٢) يريد تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها) الطلاق : ٧.
(٣) الأنفال : ٤٢.