الحركات التي يفعلها (١) النّاس ، فلعلّ المراد من الصّلاة إظهار العبوديّة ، ومن الرّكوع إظهار محض الخشوع والتّضعضع (٢) ، ومن السّجود إظهار الذّلّة وأنّه تعالى خلقنا من تراب ، وهكذا. فلمّا تلقّت الأمّة الآيات والأخبار الواردة فيها ، فاهمين منها هذه الأعمال ، عاملين عليها الى زماننا هذا ، حصل لنا القطع بالمراد منها ، فكذلك إخباره عن سؤال القبر والكتاب ، والحساب والميزان ، والجنّة والنيران.
والحاصل ، أنّ ما ورد في المعاد الجسمانيّ من الآيات والأخبار والإجماعات بحيث لا يحتمل إنكارها إلّا مكابر ، والمنكرون برهة قليلة منتهية طريقتهم الى منكري الشّرائع رأسا من حكماء يونان وأمثالهم ، فالمنصف المتأمّل إذا لاحظ الطّريقة وأربابها ، والمخالفين لها وطرائقهم ، لا يشتبه عليه أنّ ذلك لا يوجب قدحا وتشويشا ، وذلك يظهر [أيضا] نظير ما أوقع شبهة في أنّ الأرض متحرّكة (٣) والسّماء ساكنة (٤) ، في مقابل ما دلّ على حركة الأفلاك من الحسّ والعقل والنقل.
وبعد اللّتيّا والتي ، فالكلام على هؤلاء هو ما تقدّم من أنّ ما يختارونه من مخالفة أصول الدّين من باب ما يؤول الى إنكار أحد الأصول بالذّات ، كالنّبوّة مثلا ، أو الى إنكار ما يستلزم إنكاره مثل إنكار ما أخبره النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، عالما بأنّه من النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
والأوّل مع التّقصير مستلزم للكفر في الدّنيا والعذاب في الآخرة ، وبدون
__________________
(١) في نسخة الأصل (يفعله).
(٢) يقال : تضعضع أي خضع ، وذلّ ، وافتقر.
(٣) في نسخة الأصل (متحرّك).
(٤) في نسخة الأصل (ساكن).