تنبيه
اعلم أنّ المراد بالاجتهاد في قولنا : الاجتهاد يتوقّف على تلك الملكة ، يمكن أن يجعل بمعنى ملكة الاجتهاد كما عرّفه شيخنا البهائي رحمهالله (١) وقد تقدّم.
وبمعنى الفعليّة : وهو استفراغ الوسع في تحصيل الظنّ بالحكم الشرعيّ.
وما يتوهّم أنّه لا يصحّ على الأوّل لأنّ الملكة هي (٢) نفس الاجتهاد لاشترطه ، فهو مندفع بأنّ الملكة التي هي نفس الاجتهاد هي الملكة الخاصة المترتّبة على مجموع شرائط الفقه التي من جملتها الملكة العامّة ، أعني تمكّن ردّ مطلق الجزئيّات الى الكلّيّات ، والفروع الى الأصول وجزئيّات الفقه الى كلّيّاته ، فلا تغفل.
وأمّا ما يتوقّف كمال الاجتهاد عليه ، فهو أمور.
الأوّل : علم المعاني والبيان والبديع ، ونقل عن الشهيد الثّاني رحمهالله (٣) والشيخ الأحمد بن المتوّج البحراني أنّه جعل الثّلاثة من شرائط أصل الاجتهاد. وعن السيّد رحمهالله أيضا أنه جعل الأوّلين من الشّرائط ، وغيرهم جعلوا هذه العلوم من المكمّلات.
والحق ، أنّ بعض الأوّلين ممّا يتوقّف عليه الاجتهاد ، مثل مباحث القصر والإنشاء ، والخبر من علم المعاني ، وما يتعلّق بمباحث الحقيقة والمجاز ، وأقسام الدّلالة من علم البيان ، لكنّ القدر المحتاج إليه منهما مذكور في كتب الأصول غالبا ، وهو لا ينافي كونهما ممّا يتوقّف عليه أصل الاجتهاد.
ثمّ إن جعلنا الأبلغيّة والأفصحيّة من مرجّحات الأخبار والأدلّة ، فلا ريب حينئذ في الاحتياج الى العلوم الثّلاثة ، إذ لا يعرفان عادة في أمثال هذا الزّمان إلّا
__________________
(١) في «الزبدة» ١٥٩.
(٢) في نسخة الأصل (هو).
(٣) في «منية المريد» ٢٧٨.