ذكرنا من أنّ المراد بحمل فعله على الصّحّة هو الصّحّة عند الفاعل لا عند الحامل ، والصحّة عند الفاعل كيف ينفع في ترتّب الآثار عند الحامل ، فعدم الفحص عن ذلك إنّما يترتّب على أنّ تلك الأسباب من العقود والإيقاعات إذا وقعت على وجه صحيح عند الفاعل ، فلا بدّ أن يترتّب عليها مسبّباتها وإن لم يكن كذلك عند الحامل.
لا يقال : إنّ ذلك مبنيّ على قاعدة أخرى ، وهو إلحاق النّادر بالغالب بادّعاء أنّ الغالب في تلك الأسباب من العقود والإيقاعات وغيرهما هو الصّحّة عند الكلّ ، فإنّ ذلك ممّا لا يخفى على المطّلع بالفقه والخلافات الحاصلة فيه ، سيّما وكلّ واحد من أبواب الفقه مستتبعة للمخالفات الكثيرة في توابعها.
ففي الطّلاق مثلا ، نقول خلافات كثيرة ، من جهة الألفاظ في الصّيغة ومن جهة الأحكام والشّرائط في كلّ واحد من أقسامه ، وأنّه هل وقع رجعيّا أو خلعيّا؟ فإن كان رجعيّا فهل وقع على اللّفظ الصّحيح عند الحامل أم لا؟ وهل وقع عند رجلين عدلين سوى من يجري صيغة الطّلاق أو كان أحد العدلين هو وكيل الزّوج؟ وأنّ العدلين هل كانا عادلين على ما هو مذهب الحامل أو الزّوج أو الوكيل؟ فإنّ في العدالة والكاشف عنها اختلافا معروفا. وهل وقع الطّلاق في حضور العدلين مع معرفتهما للزوجين أم لا؟ وهل وقع الطّلاق في حال الحمل أو غيره ، أو في الغيبة أو الحضور ، وإن كان في حال الحمل فهل كان في المرّة الأولى أو الثّانية؟ ففي كلّ ذلك اختلافات.
وإن كان خلعيّا فهل تحقّقت (١) الشّروط فيه من الكراهة على النّهج المطلوب
__________________
(١) في نسخة الاصل (تحقّق).