قلنا : ذلك باطل ، إذ الصّحيح إذا كان مختلفا فيه ، فيحمل على الصّحيح عند الفاعل لا عند هذا المجتهد.
وممّا ذكرنا ، يندفع ما عسى أن يورد على الأصل المسلّم عند الكلّ من حمل أفعال المسلمين على الصّحّة في كلّ ما كان من هذا القبيل ـ يعني العقود والإيقاعات المستعقبة للآثار التي عليها بناء معاش الخلق ـ فنرى المسلمين في كلّ عصر ومصر ليس بناؤهم في البيع والشّرى والقرض والنّكاح والطّلاق وسلوك علمائهم معهم إلّا على الحمل على ترتّب الآثار مع احتمال أن تكون معاملاتهم على غير طبق ما يصحّ عند ذلك العالم ، وإلّا فلا معنى لحمل فعل كلّ مسلم على الصحّة مع كون أغلب الأفعال محتملا لوجوه كثيرة ، بعضها باطلة عند الكلّ ، وبعضها صحيحة عند الكلّ ، وبعضها ممّا اختلف فيه.
ففي الغالب يحصل احتمال مخالفة ما وقع من المعاملة لما هو رأي هذا الذي يحملها على الصحّة ، ومع ذلك لا يلتفتون إليه. فترى العلماء يجرون أحكام الزّوجية بين الزّوجين من دون الفحص عن حالهما أنّ النّكاح هل وقع صحيحا بينهما أم لا ، مع أنّ احتمال كون الزّوجيّة باطلة عند ذلك العالم ليس باحتمال نادر لا يلتفت إليه ، فإنّه يحتمل أن تكون الزّوجة باكرة تزوّجت بزوجها بدون إذن أبيها أو متراضعة معه بعشر رضعات ، مع أنّ ذلك العالم لا يجوّزهما ، أو النّكاح وقع على شرط يبطل النّكاح بسببه عند ذلك الحاكم.
وكذلك البيوع وسائر المعاملات ، فإنّ الخلاف في العقود والإيقاعات والمداينات في غاية الكثرة ، ومع ذلك فبناء العلماء والعوامّ على ترتّب آثار أفعال النّاس من دون تفحّص عن ذلك.
وأنت خبير بأنّ مجرّد حمل فعل المسلم على الصّحة لا يكفي في ذلك ، لما