مخاصمة ومرافعة ، أو لا بدّ أن يباشر الطلاق المجتهد بنفسه بقصد الإطلاق والإلزام ، أو يأذن فيه بالخصوص كذلك أو يمضيه بعد الوقوع لو سلّمنا كفايتها مطلقا في صيرورتها حكما.
وأمّا على ما حقّقناه من عدم جواز نقض الفتوى أيضا بالفتوى ، وجواز إمضاء أحكامها وإن خالف رأيه فيجوز للمجتهد الذي لا يرى صحّة مثل هذا الطّلاق إمضاءه إذا وقع بتقليد مجتهد يجوّزه ، ومعنى إمضائه الحكم ، بترتّب آثاره عليه ، ومن جواز نكاح هذه المطلّقة لغيره. فكما قلنا : إنّه لا يجوز للمجتهد الذي لا يرى نكاح الباكرة بدون إذن الوليّ أن ينقض النّكاح الواقع بتقليد مجتهد يجوّزه قبل تحقّق المرافعة ، فكذا لا يجوز له أن يمنع نكاح المطلّقة على غير مقتضى رأيه ، لأنّ ذلك من آثار الطّلاق ، فإمضاؤه وإبقاؤه معناه حكمه بترتّب آثاره عليه ، وجواز عقدها ثانيا من آثاره ، وذلك نظير الحكم بين المتخالفين ، فكما أنّ معنى عدم جواز نقضه لمجتهد آخر هو لزوم ترتّب ثمراته عليه وإن خالف رأيه ، فيحلّ لذلك المجتهد الأكل من المال الذي انتقل الى المدّعي بحكم الحاكم المخالف له في الرّأي ، بل لو ادّعى عليه أحد بعد ذلك في هذا المال ولم يقم البيّنة ، فيحكم بكون المال ماله ، وهكذا سائر الثّمرات ، فكذا الفتوى.
والقول بعدم جواز نكاح من وقع طلاقها كذلك في عصر المجتهد الثّاني عسر عظيم.
فإن قيل : يندفع العسر ، بادّعاء المرأة خلوّها عن المانع عند من لم يطّلع بحقيقة الحال.
قلنا : لا يتمّ ذلك فيما لو علم كونها مطلّقة في الجملة.
فإن قيل : عدم المعرفة بخصوصية الطّلاق كاف لحمله على الصّحيح.