العمل بغيرهما [بغيرها] ، فإذا حصل الظّنّ للمقلّد بأنّ ما قاله الميّت هو حكم الله تعالى ، فكيف يقول مع ذلك : إنّي أظنّ أنّه ليس حكم الله تعالى. نظير ما يقول المجتهد : إنّي أظنّ أنّ النّظر الأوّل في الواقعة كاف للاستصحاب ، وأصالة عدم مانع في مقابلة أصالة حرمة غير ما علم يقينا جوازه ، وهو ما تكرّر منه النّظر ، فيرجع الكلام الى التّرجيح بين العامّ المخصّص في الجملة ، والخاصّ الحاصل بخصوص المقام ، فيجب متابعة ما هو الرّاجح في النّظر.
فتأمّل بفكر دقيق ونظر عميق حتّى تعرف الحقّ والتّحقيق في كلّ ما يتنازع فيه من الظّنون مثل الخبر الواحد ، والإجماع المنقول بخبر الواحد ، وغيرهما أيضا.
فإنّ التّحقيق عدم جواز التمسّك في نفي حجّيتها بالعمومات الدالّة على حرمة العمل بالظنّ ، إذ غايتها الظنّ بأنّ العمل بالظنّ حرام ، ومقتضى هذه الأدلّة المتنازع فيها حصول الظنّ بها بحكم الله تعالى ، فكيف يصحّ القول بأنّ المظنون أنّ حكم الله تعالى في نفس الأمر هو حرمة العمل بالظنّ ، مع القول بأنّ المظنون أنّ حكم الله تعالى في نفس الأمر هو ما يقتضيه هذا الدّليل الظنّي ، ولم يرجّح الظّنّ الأوّل على الظّنّ الثّاني ، مع أنّ الثّاني في معنى الخاصّ ، والخاصّ مقدّم على العامّ لو فرض كون ذلك مسألة فقهيّة ، وسيجيء تمام الكلام.
فظهر من جميع ذلك ، أنّه لا مناص عن الاعتماد على الظنّ مطلقا حين انسداد باب العمل [العلم] ، وكما علم ممّا ذكرنا أنّ الدّليل ليس منحصرا في الإجماعات المنقولة التي نقلها صاحب «المعالم» (١) رحمهالله ، علم أنّ الدّليل فيه ليس محض لزوم العسر والحرج أيضا حتّى يقال : باندفاعه بتقليد الحيّ ، لأنّه لا يتمّ به إطلاق المنع ،
__________________
(١) راجع ص ٥٢٦ من «المعالم» ، وكذا ص ٥٤٠