كان المقلّد عارفا معتمدا على ظنّه الحاصل بالمسائل الفرعيّة من تقليد ذلك الميّت.
وكذلك الكلام في سائر المسائل الكلاميّة من توابع أصول الدّين الذي لا يثبت إلّا بالظنّ.
والحاصل ، أنّ المقلّد إذا حصل له الظنّ في الفروع بقول الميّت ، فلا معنى لترك هذا الرّاجح والعمل بقول المجتهد بترك تقليد الميّت ، مع بقاء ذلك الظّنّ بالحكم الفرعيّ.
وممّا يؤيّد أنّ بناء المقلّد أيضا على الظّنون ، كالمجتهد ، لا محض التّعبد ، تقديم الأعلم لأنّه أقوى الأمارتين كما مرّ ، والإجماعات المنقولة في تقديم الأعلم أوضح ، وأكثر ممّا نقل في منع تقليد الميّت.
وقد علّل في الأوّل بكونه أقوى وأرجح ، وممّا يؤيّد ويؤكّد كون البناء في الاجتهاد والتّقليد على الظنّ والرّجحان لا محض التّعبد عدم جواز تقليد المجتهد لمجتهد آخر ، كما صرّحوا به ، معلّلين بأنّ ظنّه أقرب وأرجح.
نعم ، إذا كان المقلّد ممّن يزول ظنّه الحاصل بتقليد الميّت في الفروع بسبب قول مجتهد له : إنّه لا يجوز تقليد الميّت ، بسبب قصور فطنته وقلّة ذكائه ، فلا يبعد القول : بوجوب تركه ورجوعه الى تقليد الحيّ ، فينحصر الثّمرة في النّزاع بين العلماء في ذلك ، ولكنّ الكلام في وجوب التّنبيه على ذلك من باب الأمر بالمعروف والإرشاد كالمسائل الفرعيّة وعدمه فليتأمّل.
أمّا سائر أدلّتهم ، فأقواها أنّ المقدّمات الظّنيّة ليس بينها وبين نتائجها لزوم عقليّ. فدلائل الفقه لمّا كانت ظنّيّة ، لم يكن حجّيتها إلّا باعتبار الظّنّ الحاصل معها ، وهذا الظنّ يمتنع بقاؤه بعد الموت ، فيبقى الحكم خاليا عن السّند ، ولا يمكن