وربّما يجيبون عن إشكال الاختلاف الوارد في أخبارهم وأخبار آبائهم عليهمالسلام باختيار أحدها ولم ينكروا الاختلاف ولم يأمروهم بالجمع بينهما ولو بالتّأويلات البعيدة.
وأما الشيخ رحمهالله فما بنى عليه من التّأويل فهو ليس من باب الجمع بين الدّليلين غالبا ، بل هو يلاحظ المرجّحات أوّلا ويقدّم الرّاجح ، ثمّ يذكر المخالف ويؤوّله بما لا ينافي الرّاجح لما ذكره في أوّل «التّهذيب» (١) من أنّ بعض الشّيعة ارتدّ عن المذهب بسبب حصول التّناقض في أخبار الأئمة عليهمالسلام ، وأراد بذلك رفع التّناقض بإبداء الاحتمال الغير المنافي.
وحاصله ، أنّ هذا الحديث إذا كان محتملا لهذا المعنى ، فلا تناقض ، لاحتمال أن يكون مرادهم عليهمالسلام ذلك ، وكان عليه قرينة حاليّة أو مقاليّة ذهبت بالحوادث ، ولكنّ هذا لا يصير حجّة شرعيّة ولا يجوز التمسّك به بمحض الاحتمال ، إذ الحجّة إنّما هي (٢) القطع بمراد الشّارع أو الظنّ القائم مقامه ، وأمّا مجرّد الاحتمال فكلّا.
والحاصل ، أنّه لا ريب ولا شكّ في وجود التّعارض بين الأدلّة الفقهيّة ، فما وجد فيها قرينة من نفس المتعارضين أو من خبر معتبر أو إجماع بسيط أو مركّب أو نحو ذلك توجب انفهام معنى يمكن معها العمل بكليهما على الوجه الصّحيح
__________________
ـ في «الكافي» ١ / ٦٧ باب اختلاف الحديث ح ١٠. وفي رواية عن أبي الحسن عليهالسلام قال : اختلاف أصحابي لكم رحمة ، وقال : إذا كان ذلك جمعتكم على أمر واحد. وسئل عن اختلاف أصحابنا فقال عليهالسلام : أنّا فعلت ذلك بكم لو اجتمعتم على أمر واحد لأخذ برقابكم «البحار» ٢ / ٢٣٦ ح ٢٣.
(١) في مقدمة المؤلّف : ج ١ ص ١.
(٢) في نسخة الأصل (هو).