ثمّ إنّ المعارضة بين الأمر والنّهي قد يكون بسبب ورودهما على موضع واحد فيحصل الاشتباه في الحكم ، وقد يكون بسبب اشتباه الموضوع بين المأمور به والمنهيّ عنه ، كاختلاط موتى المسلمين بموتى الكفّار فيتردّد الأمر بين وجوب غسلهم والصلاة عليهم وحرمتهما ، والمشهور وجوب غسلهم جميعا والصلاة عليهم لكن بقصد المسلمين ، فيكون من باب تخصيص العامّ بالنيّة.
ثمّ ذكر في «التمهيد» (١) بعد ذلك تعارض الأصلين وقال : إنّه يعمل بالأرجح منهما بالاعتضاد ، فإن فقد ففي المسألة وجهان ، وفروع ذلك كثيرة جدّا ، وذكر كثيرا منها.
منها : مسألة تعارض الاستصحابين في الذّبابة التي وقعت على نجاسة رطبة ثمّ سقطت بالقرب على ثوب ، وشكّ في جفاف النّجاسة ، واستوجه في «التمهيد» (٢) نجاسة الثوب حينئذ لأنّه استصحاب الرّطوبة طارئ على طهارة الثّوب.
وفيه : تأمّل. وقد أشرنا في مبحث الأدلّة العقليّة الى جواز العمل بالأصل المتنافيين في الجملة ، فراجع.
__________________
(١) ص ٢٨٨.
(٢) ص ٢٩٠.