«الفقيه» عن الأصول المعتمدة واكتفى بذكر الأسانيد في «الفهرست» ، وذكر لكلّ كتاب أسانيد صحيحة ومعتبرة ، ولو كان ذكر الخبر مع سنده لاكتفى بسند واحد اختصارا ، ولذا صار «الفقيه» متضمّنا للصّحاح أكثر من سائر الكتب ، والعجب ممّن تأخّره كيف لم يقتف أثره لتكثير الفائدة وقلّة حجم الكتاب.
فظهر أنّهم كانوا يأخذون الأخبار من الكتب وكانت الكتب عندهم معروفة مشهورة متواترة.
الرّابع : أنّك ترى الشيخ رحمهالله إذا اضطرّ في الجمع بين الأخبار الى القدح في سند لا يقدح فيمن هو قبل صاحب الكتاب من مشايخ الإجازة ، بل يقدح إمّا في صاحب الكتاب أو فيمن بعده من الرّواة كعليّ بن حديد وأضرابه ، مع أنّه في الرّجال ضعّف جماعة ممّن يقعون في أوائل الأسانيد.
الخامس : أنّك ترى جماعة من القدماء والمتوسّطين يصفون خبرا بالصحّة مع اشتماله على جماعة لم يوثّقوا ، فغفل المتأخّرون عن ذلك واعترضوا عليهم ، كأحمد بن محمّد بن الوليد ، وأحمد بن محمّد بن يحيى العطّار ، والحسين بن الحسن بن أبان ، وأضرابهم ، وليس ذلك إلّا لما ذكرنا.
السّادس : أنّ الشيخ رحمهالله فعل مثل ما فعل الصّدوق رحمهالله لكن لم يترك الأسانيد طرّا في كتبه فاشتبه الأمر على المتأخّرين ، لأنّ الشيخ رحمهالله عمل لذلك كتاب «الفهرست» وذكر فيه أسماء المحدّثين والرّواة من الإماميّة وكتبه وطرقه إليهم ، وذكر قليلا من ذلك في مختتم كتابي «التّهذيب» و «الاستبصار» ، فإذا أورد رواية ظهر على المتتبّع الممارس أنّه أخذه من شيء من تلك الأصول المعتبرة. وكان للشيخ رحمهالله في «الفهرست» إليه سند صحيح ، فالخبر صحيح مع صحّة سند