فقلت : يا سيدي إنّهما معا مشهوران مرويّان مأثوران عنكم؟
فقال عليهالسلام : «خذ بما يقول أعدلهما عندك وأوثقهما في نفسك».
فقلت : إنّهما معا عدلان مرضيّان موثّقان؟
فقال عليهالسلام : «انظر الى ما وافق منهما مذهب العامّة فاتركه ، خذ بما خالفهم فإنّ الحقّ فيما خالفهم».
فقلت : ربّما كانا معا موافقين لهم أو مخالفين فكيف أصنع؟ فقال عليهالسلام : «إذن فخذ بما فيه الحائطة لدينك واترك ما خالف الاحتياط».
فقلت : إنّهما معا موافقان للاحتياط أو مخالفان له فكيف أصنع؟ فقال عليهالسلام: «إذن فتخيّر أحدهما فتأخذ به وتدع الآخر».
وفي رواية أنّه عليهالسلام قال : «فإذن فارجه حتّى تلقى إمامك فتسأله». انتهى كلام «الغوالي».
وأنت خبير بأنّ العمل على هذه الأخبار لا يمكن ، لتعارضها وتناقضها ، ففي بعضها قدّم اعتبار صفات الرّاوي بالاجتماع ، كما في رواية ابن حنظلة بمرتبتين على العرض على الكتاب ، وفي بعضها قدّم العرض على الكتاب ولم يعتبر شيء آخر ، وفي بعضها قدّم الشّهرة على الصّفات ، وفي بعضها العرض على العامّة ، الى غير ذلك من المناقضات ، وقد تصدّى بعضهم للجمع بينها بوجوه لا تكاد تنتظم تحت ضابطة يمكن الرّكون إليها ، لا نطيل بذكرها وذكر ما فيها.
وتحقيق المقام ، أنّا نقول : لا شك أنّ تلك الأخبار أخبار الآحاد ، وقد مرّ أنّ حجّية أخبار الآحاد إمّا من جهة الأدلّة الدّالّة على حجّيتها بنفسها ، كآية النبأ والإجماع ، أو من جهة أنّه ممّا يحصل به الظنّ ومن جهة أنّه ظنّ المجتهد ، وقد اخترنا الثّاني وبيّنّا عدم تماميّة الدّليل عليه إلّا من جهة أنّه ظنّ المجتهد ، فحينئذ