نقول : إن كان الدّليل على حجيّتها هو أنّه ظنّ المجتهد ، فلا بدّ في المسائل الفقهيّة من الرّجوع الى ما يحصل به الظنّ منها ويترجّح صحّتها وموافقتها للحقّ في نظر المجتهد ، سواء وافق واحدا من تلك الأخبار المذكورة في وجوه التّراجيح أم لا. فإنّ حجّية هذه الأخبار الواردة في العلاج أيضا إنّما هو من جهة أنّه ظنّ المجتهد بالفرض.
فلو فرض حصول الظنّ بأحد طرفي الأخبار الواردة في المسألة الفقهيّة أنّه هو الموافق للواقع ، واقتضى الظنّ الحاصل من جهة بعض هذه الأخبار الواردة في العلاج خلافه ، مثل أنّ الظنّ الاجتهادي اقتضى ترجيح الخبر الدّال على تقديم موافقة الكتاب على ما دلّ على ترجيح ما وافق المشهور في الأخبار العلاجيّة ، لكون راوي الرّواية الأولى أوثق وأعدل.
ثمّ إذا تأمّلنا في المسألة الفقهيّة ورأينا أحد طرفي المسألة أقوى في النّظر والحديث الدالّ عليه أرجح بسبب القرائن الأخر ، مثل علوّ الإسناد (١) وموافقة دليل العقل ، وغير ذلك من المرجّحات الاجتهاديّة ، وإن كان الطّرف الآخر موافقا لظاهر الكتاب ؛ فحينئذ لو اعتمدنا على ظنّنا هذا بأوفقيّة ما وافق مختارنا من الخبرين الواردين في هذه المسألة الفقهيّة لنفس الأمر ، وراجعنا مختارنا في المسألة الأصوليّة وترجيحنا لما دلّ على ترجيح موافق الكتاب على ما وافق المشهور ؛ فلا بدّ من أن نترك الظنّ الأوّل بهذا الظنّ.
وأنت خبير بأنّه لا دليل على ذلك ولا ترجيح بينهما ، بل التّرجيح للأوّل لأنّه ظنّ بالحكم النّفس الأمريّ في المسألة الفقهية أوّلا.
__________________
(١) في نسخة الأصل (الأسناد).