والمراد «باستفراغ الوسع» هو بذل تمام الطّاقة بحيث يحسّ عن نفسه العجز عن المزيد عليه.
واحترز «بالفقيه» عن استفراغ غير الفقيه.
وفيه : أنّه مستلزم للدّور ، إذ الفقيه هو العالم بالأحكام الشرعيّة الفرعيّة عن أدلّتها وهو لا يتحقّق إلّا بكونه مجتهدا ، فلا فقه إلّا مع الاجتهاد.
وقد يذبّ عن ذلك : بأنّ المراد «بالفقيه» من مارس الفنّ ، احترازا عن الأجنبيّ مثل المنطقيّ البحت وإن لم يكن فقيها اصطلاحيا.
وفيه : مع أنّه مجاز ، يرد عليه أنّه استفراغ وسع مطلق الفقيه بهذا المعنى لا يكفي في تحقّق الاجتهاد ، إذ من قرء الكتب الفقهيّة وزاول رءوس المسائل وبعض الكتب الاستدلاليّة أيضا ، ولكن لم يحصل له بعد قوّة ردّ الفرع الى الأصل ، لا يسمّى استفراغ وسعه اجتهادا.
فإن قلت : لا يحصل الاستفراغ للوسع حينئذ إلّا بعد تحصيلها أيضا.
قلت : فعلى هذا يتمّ الكلام في المنطقيّ أيضا ، فيكفي قيد الاستفراغ عن قيد الفقيه.
والأحسن أن يقال : إذا كان هذا تعريفا للحال والفعل ، فالمراد بالفقيه هو صاحب الاستعداد والقابليّة القريبة لفيضان العلم بالأحكام الشّرعيّة الفرعيّة عليه ، بسبب كونه عالما بالمبادئ والأدلّة وواجدا للقوّة القدسيّة التي يتمكّن بها على ردّ الفرع الى الأصل.
فمثل هذا الشّخص إذا ردّ الحكم الشّرعيّ الفرعيّ الى الأصل بإعمال نظره وإتعاب خواطره واستفراغ وسعه في ذلك.