فهذا الفعل من هذا الشّخص يسمّى اجتهادا.
ومن هذه الحيثيّة يسمّى هذا الشّخص مجتهدا ، فهو من حيث حصول العلم له بالأحكام النّاشئة من الأدلّة فعلا أو قوّة قريبة من الفعل ؛ فقيه.
ومن حيث استنباط الفرع من الأصل واستخراج الحكم من الدّليل فعلا أو قوّة قريبة من الفعل ؛ مجتهد.
والتحقيق أن يقال : إنّ الحدّ لمطلق الاجتهاد ، لا الصحيح منه كما نبّهنا عليه في الفقه أيضا ، فعلى هذا نقول : إنّ «الفقه» : هو العلم بالأحكام النّاشئة من الأدلّة.
و «الاجتهاد» هو استنباط الأحكام منها.
و «الاستنباط» متقدّم على العلم ، فلا التفات في التّعريفين الى الشّخص الذي يقوم به الأمران ، ولذلك تراهم بعد ذكر تعريف الاجتهاد يجعلون المعرفة بما يتوقّف عليه ، ومنه القوّة القدسيّة من شرائطه لا من مقوّماته.
فإذا أريد تعريف صحيحها فيقال :
الاجتهاد : هو استفراغ الوسع في تحصيل الحكم الشّرعيّ الفرعيّ من أدلّتها لمن عرف الأدلّة وأحوالها ، وكان له القوّة القدسيّة التي يتمكّن بها عن مطلق ردّ الفرع الى الأصل.
و «الفقه» : هو العلم الحاصل بالأحكام الشرعيّة الفرعيّة من أدلّتها لمن كان كذلك ، فلا يدخل شيء منهما في تعريف الآخر ، ولا يلزم دور.
وقيد «الظنّ» لإخراج الأحكام الضّروريّة والقطعيّة النظريّة.
وفيه : أنّ الأوّل يخرج بقيد الاستفراغ.
والثاني لا يحسن إخراجه ، لأنّ معرفة النظريّات أيضا يسمّى فقها ، وتحصيلها واستنباطها من أدلّتها اجتهادا ، إذا المجتهد قد لا يعرف حكم الشّيء أوّلا ويحتاج