وذكر الفاسي [عن الفاكهي](١) : «أن الناس كانوا لا يتجاوزون في السكنى البئر التي عند الردم ـ وهي بئر جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل» (٢). قال الإمام علي بن عبد القادر (٣) : «وهي البئر المعروفة في زماننا ببئر الدشيشة الحاسكية (٤) لكونها بالقرب منها». والردم المشار إليه ردم بني جمح ـ بالميم والحاء ـ ردمه (٥) أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضياللهعنه.
قلت : وسيأتي بيان ذكره. وإلى هذه البئر أشار عمر بن أبي
__________________
(١) ما بين حاصرتين زيادة من شفاء الغرام للفاسي ١ / ٢٧.
(٢) وهذا البئر باسم جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف بن قصي ، ابن عم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وشيخ قريش في زمانه. أسلم يوم فتح مكة ، اتصف بالحلم ونبل الرأي كأبيه. كما كان من أنسب العرب ، أخذ النسب عن أبي بكر الصديق (وتوفي سنة ٥٨ أو ٥٩ ه. انظر : ابن حزم ـ جمهرة أنساب العرب ١١٦ ، ابن كثير ـ البداية والنهاية ٨ / ٤٦ ، الذهبي ـ سير أعلام النبلاء ٣ / ٩٥ ـ ٩٩.
(٣) علي بن عبد القادر الطبري في كتابه : الأرج المسكي ص ٦٠.
(٤) في (د) «الخاسكية». والصحيح الخاصكية وسيرد ذكرها كثيرا في هذا الكتاب. وانظر : الأرج المسكي ص ٦٠.
(٥) في (ب) «ابن» وفي (ج) «ومن». وهما خطأ.
وردم بني جمح هو سد عظيم بالمدّعا بأعلا مكة. وكان من نتيجة عمل الردم أن تحول مجرى السيل الذي ينحدر من ناحية المدعا إلى مجرى وادي إبراهيم ، حيث كان هذا السيل ينحدر من المدّعا على شارع المسعى ، ويدخل من جهة باب السلام إلى المسجد الحرام. فبناه أمير المؤمنين عمر رضياللهعنه بالظفائر والصخور العظام ، وكبسه بالتراب ، فلم يعله سيل بعد ذلك. غير أنه جاء سيل عظيم سنة ٢٠٢ ه فكشف عن بعض أحجار الردم وشوهدت فيه تلك الصخور العظيمة الكبيرة التي لم ير مثلها. وكان هذا الردم أول سد وضع بمكة. باسلامة ـ حسين عبد الله ـ تاريخ عمارة المسجد الحرام ط ١٤٠٠٦١٣ ، الكتاب السعودي ١٦ ـ ١٤٠٠ ه / ١٩٨٠ ص ١٤ ـ ١٥ ، الأرج المسكي ٦٠.