سليمان المغربي ناظر الحرمين الشريفين في منع خزعبلات بعض المتصوفة التي يمارسونها بمناسبة ما يسمونه «ليلة المولد» ، وخروجهم من المسجد وهم ينقرون الدفوف ويرددون الأهازيج. كما انعكس ذلك في إجلاله وتثمينه الكبير لما يقوم به المبتدعة من إحياء ليلة السيد عبد الله العيدروس صاحب الشبيكة كل عام ، ويشيد بزعمهم بأنه قد وقع له الفتح ويثني على عمل من يقوم مقامه إذ جعل له محفلا عظيما يزوره خلق بمكة رجالا ونساء ، كما هو المعهود في زيارة الأكابر. وقد تجلى موقف السنجاري في هذه المناسبة في اعتبار عمل الشيخ محمد بن سليمان المغربي في منع هذه البدع وإبطال هذه الشعائر وزعمه أنها من المناكير الظاهرة عدوانا استحق عليه العقاب الذي تمثل في فقدانه لسنده الوزير أحمد باشا الكوبرلي ، فهو يعقب على ذلك بقوله : «وعدّ الناس ذلك من كرامات الشيخ عبد الله العيدروس». وغيرها من الأحداث (١).
وبهذا لم يستطع السنجاري أن يتخلص من موروثات أسرته وعلاقتها الوطيدة مع أئمة التصوف بمكة المكرمة مثل السيد العيدروس (٢). وهذا لا يقلل من قيمة السنجاري ، فهو خطأ وقع فيه جلّ علماء الأمة في تلك القرون ، حيث أصبح الانحراف عن المنهج الإسلامي الصحيح هو الدين ـ يا للأسف ـ. ومن هنا كانت حركات الإصلاح من العلماء المخلصين الواعين تواجه بحملات شرسة من العلماء المتمسكين بهذا الموروث المنحرف ، ومن مجتمع المسلمين المؤمن بهذه الانحرافات ـ فليتأمل القاريء ـ.
__________________
(١) انظر اللوحات : ١٦١ ، ١٦٢ ، ٢٠٩ ، ٢٤٣ ، ٢٤٤.
(٢) انظر : العجيمي ـ خبايا الزوايا ١ / ٢٤٢.