كانا من المكيل والموزون ، دون المعدود والمزروع ، وهذا يختلف حسب اختلاف الزمان والمكان فربما جنس يباع بالكيل والوزن في بلد وبالعدّ في بلد آخر ، وهكذا يلحق لكلّ ، حكمه.
هذا كلّه حول تأثير عنصري الزمان والمكان في صدق الموضوع.
الثاني : تأثيرهما في ملاكات الأحكام
لا شكّ انّ الأحكام الشرعية تابعة للملاكات والمصالح والمفاسد ، فربما يكون مناط الحكم مجهولاً ومبهماً وأُخرى يكون معلوماً بتصريح من الشارع ، والقسم الأوّل خارج عن محلّ البحث ، وأمّا القسم الثاني فالحكم دائر مدار مناطه وملاكه.
فلو كان المناط باقياً فالحكم ثابت ، وأمّا إذا تغيّر المناط حسب الظروف والملابسات يتغير الحكم قطعاً ، مثلاً :
١. لا خلاف في حرمة بيع الدم بملاك عدم وجود منفعة محلّلة فيه ، ولم يزل حكم الدم كذلك حتى اكتشف العلم له منفعة محلّلة تقوم عليها رحى الحياة ، وأصبح التبرع بالدم إلى المرضى كإهداء الحياة لهم ، وبذلك حاز الدم على ملاك آخر فحلّ بيعه وشراؤه. (١)
٢. انّ قطع أعضاء الميت أمر محرّم في الإسلام ، قال رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : «إيّاكم والمثلة ولو بالكلب العقور» (٢) ومن الواضح انّ ملاك التحريم هو قطع الأعضاء لغاية الانتقام والتشفّي ، ولم يكن يومذاك أيُّ فائدة تترتّب على قطع أعضاء الميت
__________________
(١). قال السيد الإمام الخميني قدَّس سرّه : لم تكن في تلك الأعصار للدم منفعة غير الأكل ، فالتحريم منصرف إليه.
(٢). لاحظ نهج البلاغة ، قسم الرسائل ، برقم ٤٧.