المقام الثاني
كشفه عن حكم الشرع
إنّ العقل كما مرّ أحد الحجج الأربع الّذي اتّفق أصحابنا إلّا قليلاً منهم على حجّيته في مجال استنباط الحكم الشرعي ، غير انّ اللازم هو تحرير محلّ النزاع وتبيين إطار البحث ، فإنّ عدم تحريره أوقع الكثير لا سيما الأخباريّين في الخلط والاشتباه ، فنقول :
إنّ عدّ العقل من مصادر التشريع وأحد الأدلّة الأربعة يتصوّر على أنحاء ثلاثة :
الأول إذا استقلّ العقل بحسن فعل بما هو فعل صادر عن الفاعل المختار أو قبحه ، وتجرّد في قضائه عن كلّ شيء (حتى عن أمر الشارع ونهيه وعن آثار الت تترتب عل الشء ، كقوام النظام الإنساني بالعدل وانهياره بممارسة الظلم) إلّا النظر إلى نفس الفعل فهل يكون حكم العقل كاشفاً عن حكم الشرع ، وهذا نظير استقلال العقل بقبح العقاب بلا بيان ، وحسنه معه ، فهل يستكشف منه انّ حكم الشرع كذلك؟
وهكذا إذا أمر المولى بشيء واستقل العقل بوجود الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدّمته أو وجوب الشيء وحرمة ضدّه ، أو امتناع اجتماع الأمر والنهي على شيء واحد بعنوانين ، أو جوازه إلى غير ذلك من أنواع الملازمات ، فهل يكشف حكم العقل عن حكم الشرع؟
وبذلك يظهر انّ الموضوع للحسن والقبح هو نفس الفعل بما انّه صادر عن فاعل مختار ، سواء أكان الفاعل واجباً أم ممكناً ، وسواء أترتب عليه المصالح أو