الحجّة هي الخبر الموثوق بصدوره
إذا كانت السيرة هي الدليل الوحيد على حجّية قول الثقة ، فاعلم أنّ عمل العقلاء بمفاده لأجل كون وثاقة الراوي مفيداً للاطمئنان بصدق الخبر ومطابقته للواقع ، وليست لوثاقته موضوعية في المقام حتى نتوقف عن العمل عند عدم إحراز وثاقة الراوي مع حصول الوثوق بصدور الرواية من قرائن أُخرى ، وعليه فمناط الحجّية عند العقلاء هو الخبر الموثوق بصحته وصدوره لا خصوص كون الراوي ثقة ، ولذلك لو كان المخبر ثقة لكن دلّت القرائن على عدم صدق الخبر لما عملوا به.
فاتّضح بما ذكرنا انّ موضوع الحجّية هو الخبر الموثوق بصدوره فيشمل الخبر الصحيح والموثق والحسن إذا كانت بمرحلة موروثة للاطمئنان ، بل يشمل الضعيف إذا دلّت القرائن على صدقه.
وإلى ما ذكرنا أشار الشيخ الأنصاري بعد بيان الأدلّة العقلية التي أُقيمت على حجّية الخبر الواحد بقوله : والإنصاف انّ الدال فيها لم يدلّ إلّا على وجوب العمل بما يفيد الوثوق والاطمئنان بمؤدّاه ، وهو الذي فسّر به الصحيح في مصطلح القدماء (١) والمعيار فيه أن يكون احتمال مخالفته للواقع بعيداً بحيث لا يعتني به العقلاء ، ولا يكون عندهم موجباً للتحيّر والتردّد. (٢)
__________________
(١). الصحيح عند القدماء ما يورث الوثوق بالمضمون ، والصحيح عند المتأخرين ما يكون آحاد رجال السند عدولاً.
(٢). الفرائد : ١٠٦ ، طبعة رحمة الله.