التنبيه الثامن : قياس الحادث بحادث آخر
الكلام هنا حول قياس حادث بحادث آخر ، كما إذا علم بحدوث حادثين ، ولم يعلم المتقدّم والمتأخر منهما ، فهل يجري الأصل أو لا؟
مثلاً لو علم موت الوالد المسلم وعلم أيضاً إسلام وارثه ، ولكن شكّ في تقدّم موت المورِّث على إسلام الوارث حتى لا يرثه لأنّ الكافر لا يرث المسلم حتى وإن أسلم بعد موت المورِّث أو تأخر موته عن إسلامه حتى يرثه ، فهل يجري الأصل أو لا؟
فنقول : للمسألة صورتان :
الأُولى : أن يكون أحد الحادثين (موت الوالد) معلوم التاريخ والآخر (إسلام الوارث) مجهوله ، فيجري الأصل في المجهول دون المعلوم.
امّا أنّه لا يجري الأصل في معلوم التاريخ كموت الوالد المسلم في غرّة رجب فلأجل أنّ حقيقة الاستصحاب هو استمرار حكم المستصحَب عدم الموت إلى الزمان الذي يشكّ في بقائه ، وهذا إنّما يتصور فيما إذا جهل تاريخ حدوثه ، وأمّا لو فرض العلم بزمان الحدوث وأنّه مات في غرّة رجب فلا معنى لاستصحاب عدمه لعدم الشكّ في زمان الموت.
وبعبارة أُخرى : لا بدّ في الاستصحاب من وجود زمان يشكّ في بقاء المستصحَب فيه ، وهذا غير متصوّر في معلوم التاريخ ، لأنّا نعلم عدم موت الوالد قبل غرّة رجب وموته فيها ، فليس هنا زمان خال يُشك في بقاء المستصحب عدم موت الوالد فيه.
وأمّا جريانه في مجهول التاريخ ، وهو إسلام الولد ، حيث كان كافراً في شهر جمادى الآخرة ومسلماً في غرّة شعبان ومشكوك الإسلام بين الشهرين